تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والتحقيق أن الإرادة فى كتاب الله نوعان إرادة دينية شرعية وإرادة كونية قدرية فالأول كقوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقوله تعالى ولكن يريد ليطهركم وقوله تعالى يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم إلى قوله والله يريد أن يتوب عليكم فإن الإرادة هنا بمعنى المحبة والرضى وهى الإرادة الدينية وإليه الإشارة بقوله وما خلقت الإنس والجن إلا ليعبدون وأما الإرادة الكونية القدرية فمثل قوله تعالى فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء ومثل قول المسلمين ما شاء الله كان ومالم يشأ لم يكن فجميع الكائنات داخلة فى هذه الإرادة والإشاءة لا يخرج عنها خير ولا شر ولا عرف ولا نكر وهذه الإرادة والإشاءة تتناول ما لا يتناوله الأمر الشرعى وأما الإرادة الدينية فهى مطابقة للأمر الشرعى لا يختلفان وهذا التقسيم الوارد فى إسم الإرادة يرد مثله فى إسم الأمر والكلما والحكم والقضاء والكتاب والبعث والإرسال ونحوه فإن هذا كله ينقسم إلى كونى قدرى وإلى دينى شرعى

والكلمات الكونية هى التى لا يخرج عنها بر ولا فاجر وهى التى إستعان بها النبى صلى الله عليه و سلم فى قوله أعوذ بكلمات الله التامات التى لا يجاوزهن بر ولا فاجر قال الله تعالى إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون

وأما الدينية فهى الكتب المنزلة التى قال فيها النبى من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله وقال تعالى وصدقت بكلمات ربها وكتبه

وكذلك الأمر الدينى كقوله تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها والكونية إنما أمره إذا أراد شيئا

والبعث الدينى كقوله تعالى هو الذى بعث فى الأميين رسولا منهم والبعث الكونى بعثنا عليكم عبادا لنا

والإرسال الدينى كقوله هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق والكونى ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا وهذا مبسوط فى غير هذا الموضع فما يقع فى الوجود من المنكرات هى مرادة لله إرادة كونية داخلة في كلماته التى لا يجاوزهن بر ولا فاجر وهو سبحانه مع ذلك لم يردها إرادة دينية ولا هى موافقة لكلماته الدينية ولا يرضى لعباده الكفر ولا يأمر بالفحشاء فصارت له من وجه مكروهة ولكن هذه ليست بمنزلة قبض المؤمن فإن ذلك يكرهه والكراهة مساءة المؤمن وهو يريده لما سبق فى قضائه له بالموت فلا بد منه وارادته لعبده المؤمن خير له ورحمة به فإنه قد ثبت فى الصحيح أن الله تعالى لا يقضى للمؤمن قضاءا إلا كان خيرا له إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له

وأما المنكرات فإنه يبغضها ويكرهها فليس لها عاقبة محمودة من هذه الجهة إلا أن يتوبوا منها فيرحمون بالتوبة وإن كانت التوبة لا بد أن تكون مسبوقة بمعصية ولهذا يجاب عن قضاء المعاصى على المؤمن بجوابين أحدهما أن هذا الحديث لم يتناولها وإنما تناول المصائب والثانى أنه إذا تاب منها كان ما تعقبه التوبة خيرا فإن التوبة حسنة وهى من أحب الحسنات إلى الله والله يفرح بتوبة عبده إذا تاب إليه أشد ما يمكن أن يكون من الفرح وأما المعاصى التى لا يتاب منها فهى شر على صاحبها والله سبحانه قدر كل شىء وقضاه لما له فى ذلك من الحكمة كما قال صنع الله الذى أتقن كل شىء وقال تعالى الذى أحسن كل شىء خلقه فما من مخلوق إلا ولله فيه حكمة

ولكن هذا بحر واسع قد بسطناه فى مواضع والمقصود هنا التنبيه على أن الشىء المعين يكون محبوبا من وجه مكروها من وجه وأن هذا حقيقة التردد وكما أن هذا فى الأفعال فهو فى الأشخاص والله أعلم مجموع الفتاوى 18/ 129 - 135

ـ[أبو مالك العسقلاني]ــــــــ[24 - 05 - 07, 12:00 م]ـ

إليك هذا الرابط

http://www.ferkous.com/rep/Ba15.php

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير