تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سبحانه وتعالى ومروراً بالعلماء والقضاة ودروه في اختيار بعضهم إذا طلب منه الأمير ذلك وانتهاءً بالعامة و تعليمهم سواء في المسجد أو في السوق أو في الحياة العامة حتى في الحبس والسجن ودعوتهم لفعل الخيرات وترك المنكرات.

ومن الأمور الخارجية والتي هي متعلقة بالأمم الأخرى دحض افتراءات المعتدين وتفنيد شبهاتهم ورده عليهم تارة ودعوتهم إلى الإسلام تارة أخرى وأيضاً كان له دور في محاربة البدع الوافدة على المسلمين من أمور التشبه والأعياد وتقديس المخلوقات كما في كتابه: اقتضاء الصراط المستقيم ومنها أيضاً الرد على من يسب النبي محمداً صلى الله عليه وسلم كما في كتابه الصارم المسلول على شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم وقد بارك الله لهذا الإمام في مسعاه فما قبضت روحه إلا وقد طبقت شهرته الأرض شرقاً وغرباً وكان لكلامه وأحواله وتآليفه أبلغ الأثر في إحياء الأمم ونهضة الشعوب وإيقاظ الهمم حتى إنه لقد اعتنق آراءه الإصلاحية كثير من العلماء بعده واستنار المجددون بهداه لما التزم به من التقيد بالكتاب والسنة على فهم علماء هذه الأمة من السلف السابقين وممن اتبعهم بإحسان كما قامت حركات إصلاحية في شتى بقاع الأرض وأقامت مبادءها على تلك الأصول والقواعد التي أسسها ذلك الإمام العملاق.

أما جهاده: فهو غرة في تاريخ ذلك الإمام حتى إنه ليكاد أن تكون حياته كلها جهاد سواء على المستوى الداخلي أم الخارجي وقد مرت المواقف الجهادية والقتالية وسبقت الإشارة إلى شجاعته وجرأته مع التتار أو مع النصارى أو حتى مع الفرق المبتدعة الضالة ذات الشوكة الخارجة عن السلطان وكذلك من جهاده بالكلمة أمام الحكام؛ لإلزامهم بتطبيق الأحكام الشرعية.

أما محنه: وهي التي كانت ملازمة له في حياته و"لسنا نقصد بمحنة الشيخ إهانته، فقد عاش – رحمه الله- معززاً مكرماً حتى في محبسه فحيثما حل كان الإجلال والاحترام، وإنما نقصد بالمحنة: الحبس وتقييد حريته في الخروج والدعوة" (1) إذ العالم أشد شيء على نفسه حبسه عن تبليغ شرع الله وعدم تعليمه الناس والمسلم يبتليه الله سبحانه وتعالى بابتلاءات وهي "محن من الله تعالى يبتليه بها ففرضه فيها الصبر والتسلي" (2) وهي في ظاهرها محن ولكنها منح وعطايا في صورة بلايا وإنما ابتلي هذا الإمام بتلك المحن على مر سني عمره؛ نظراً لأنه قد" بلغت مكانته الذروة فقد علا على المنافسة وصار اسمه في كل مكان وكان ذا عزيمة من حديد ولسان ذرب قوي وإرادة عاملة وقد كان ذلك لمصلحة الإسلام والمسلمين وقد أثارت منزلته حقد من لم يبلغ شأوه من هذه الصفات ولم يصل على مرتبته منها" (3) فصدعه بالحق مع إخلاصه جعلاه كالشامة بين علماء عصره والذين قبعوا على التقليد الأعمى أو التعصب المقيت أو الهوى طمعاً في منصب لا يدوم "وهكذا نجد ابن تيمية المصلح والمربي يدخل في معركة متعددة الجبهات ويحارب على مختلف الواجهات دفاعاً عن مصدرية القرآن والسنة ودحضاً لكل وساطة مهما كان شكلها وصاحبها مما ألب عليه خصومه من المذاهب والطرق وسلطان زمانه الذي أدخله سجنه حتى مات فيه رحمه الله، لكنه ترك لنا تراثاً ضخماً يؤصل فيه للمنهج التوحيدي في مجال التدين وتربية الناس عليه شكل مادة مرجعية هامة للحركات الإصلاحية التي جاءت بعد" (4) وعلى كل فمحن هذا الإمام جعلها الله -سبحانه- منحاً عليه وعلى من حل ومكث عندهم فلما "سار إلى مصر وكان ذلك سنة 705هـ وحيثما حل كان نوراً وهداية: فعندما مر بغزة عقد في جامعها مجلساً كبيراً وألقى درساً من دروسه الحكيمة ... وكذلك في سنة 707هـ قام بالتدريس في مصر حتى نفع الله به خلقاً كبيراً ورأوا فيه رجلاً خالصاً في قلبه وعقله لله رب العالمين" (5) ولكن كان ما كان من أصحاب الحسد الدفين في قلوب المرضى من هؤلاء إنما كان لجهره بكلمة الحق وخضوعهم ولأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وتركهم ولمحبة الناس له بل إن منهم من وشى ضده عند ذوي السلطان؛ لأنه خالفهم في آرائهم كغلاة المتصوفة والمبتدعة وجهلة المقلدة وأصحاب المناصب والخائفين على أماكنهم والذين قد باعوا دينهم بدنيا غيرهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير