تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد ألمع الإمام ابن حجر إلى موقف صنفي العلماء من هذا الإمام بقوله: "ولقد قام على الشيخ تقي الدين جماعة من العلماء مراراً؛ بسبب أشياء أنكروها عليه من الأصول والفروع، وعقدت له بسبب ذلك عدة مجالس بالقاهرة وبدمشق ولا يحفظ من أحد منهم أنه أفتى بزندقته ولا حكم بسفك دمه مع شدة المتعصبين عليه حينئذ من أهل الدولة حتى حبس بالقاهرة ثم بالإسكندرية ومع ذلك فكلهم معترف بسعة علمه وكثرة ورعه وزهده ووصفه بالسخاء والشجاعة وغير ذلك من قيامه في نصر الإسلام والدعاء إلى الله تعالى في السر والعلانية" (1) فهذه أقوال أهل العلم معه دفعهم خوفهم من ربهم ثم علمهم وورعهم إلى قول الحق والاعتراف بالفضل مع التصريح بالمخالفة في مسائل في الأصول والفروع لكن التزموا القسطاس المستقيم في التعامل مع شخصِِ وعلمِ هذا الإمام ونبذوا الشهوة والهوى.

أما خصومه الذين شانؤه وعادوه واتخذوه وعلمه غرضاً لأهوائهم فمنهم من صرح بسبه والطعن فيه ومنهم من صرح بالطعن في إمامته ومنهم من جمع بين البليتين فجمع بين تكفيره والطعن في إمامته، وسأقتصر بذكر ثلاثة من هؤلاء المبغضين الطاعنين.

أما أقدمهم زمناً فهو أقدمهم وأشدهم جرأة وسباً للإمام ابن تيمية وطعناً ليس في إمامته بل في ديانته ألا وهو العلاء البخاري (2) والذي أطلق لسانه بالثلب على بعض الأكابر كالإمام النووي والإمام ابن تيمية وظهر عداؤه للإمام ابن تيمية "لما سكن دمشق سنة 834 تقريباً] حيث [هاله ما لابن تيمية من منزلة في النفوس وتعظيم عند الناس فهاجت عصبيته فجعل يقول كلمته الجائرة النابية: من زعم أن ابن تيمية شيخ الإسلام فهو كافر" (3) وقد رد عليه عصريُّه الإمام ابن ناصر الدين الدمشقي (4) رداً علمياً مفحماً

كالصواعق المحرقة في كتابه الشهير الماتع: الرد الوافر على من زعم بأن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر، حيث جمع في هذا الكتاب بضعاً وثمانين عالماً ممن قالوا عن الإمام ابن تيمية: شيخ الإسلام هذا فضلاً عمن قرظ الكتاب من أساطين أهل العلم والذين أظهروا زيغ هؤلاء الشانئين المشنعين على الإمام ابن تيمية تلك الترهات.

وإنه لمن عجيب حال هذا المبغض الشانئ العلاء البخاري أنه كفر إماماً لأهل السنة والجماعة هو الإمام ابن تيمية وكفر إماماً لأهل البدعة والضلالة وهو ابن عربي

الطائي (1). وأما الشانئ الثاني والمبغض التالي فهو شهاب الدين الهيتمي (2) فقد كان من المبغضين المعادين للإمام ابن تيمية أشد البغض فاتهمه بالكفر والضلال والخذلان والبدعة والإلحاد ... وغير ذلك من الألقاب والأوصاف التي هي بهتان عظيم كما في قوله: "ابن تيمية عبد خذله الله وأضله وأعماه وأصمه وأذله وبذلك صرح الأئمة الذين بينوا فساد أحواله وكذب أقواله! " (3) وفي قوله: "حتى تمالأ عليه أهل عصره ففسقوه و بدعوه بل كفره كثير منهم" (4).إلى غير ذلك من الافتراءات الجائرة (5) وأما ثالثة الأثافي فهو الشيخ الكوثري (6) الذي عاش طوال حياته خصماً للإمام ابن تيمية ومعتقده فلا يترك مناسبة من قريب أو من بعيد إلا ويكيل السب والطعن لهذا الإمام؛ لأنه كان من المجاهرين بعداوته وسبه في أكثر من موضع من تعليقاته ومؤلفاته مردداً أقوال إخوانه الشانئين من اتهام الإمام ابن تيمية بالكفر والزندقة والمروق من الدين ثم عدم أهليته للإمامة مع كفره فمن أقواله: "إن كان ابن تيمية لا يزال يعد شيخ الإسلام فعلى الإسلام

السلام" (1) ومنها: "ولو قلنا لم يبل الإسلام في الأدوار الأخيرة بمن هو أضر من ابن تيمية في تفريق كلمة المسلمين لما كنا مبالغين في ذلك وهو سهل متسامح مع اليهود والنصارى" (2) ومنها: "وأقل ما يقال فيه: إنه ليس في موضع الإمامة والقدوة حتماً" (3) وما مر كان سرداً لما قاله هؤلاء وهؤلاء أي: أنصاره وخصومه في حق هذا الإمام والله الموعد وإليه المنتهى وهي شهادة أدلى بها كل من الفريقين والأمر كما قال أحكم الحاكمين: (ستكتب شهادتهم ويسألون) (4) وقد تقدم قول الإمام ابن حجر آنفاً: "ولا ينكر ذلك [إمامته وتلقيبه بشيخ الإسلام] إلا من جهل مقداره أو تجنب الإنصاف" وهلا تأكد هؤلاء الطاعنون من صحة ما نسبوه إليه من افتراء؟ هل رأوه في كتاب له أو نقله عنه أحد من أئمة الإسلام المعاصرين له أو الآتين بعده؟ إنما هو الهوى والتقليد الأعمى والصراع بين كل من الفريقين:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير