بمثله.
وإذا كان فساد الاستدلال واضحاً في زعم «التبرك» الذي تنفيه السيدة صاحبة الواقعة مما يعيب هذه الفتوي فإن ما يعيبها أمران آخران أشد خطأ، وأفدح خطورة علي الاعتقاد.
ذلك أن صاحب الفتوي في برنامج له بالتليفزيون راح يدافع عن فتواه باللجوء إلي أحاديث وروايات كثيرة بعضها صحيح وأغلبها ضعيف، عن كمالات رسول الله صلي الله عليه وسلم وطهارته وإعداده بشق صدره وتطهيره، إلي حد القول صراحة باختلافه صلي الله عليه وسلم عن البشر مما مثل كارثة حقيقية في هذا البرنامج أدت إلي تزييف العقيدة في بشرية الرسول.
ومع أننا نسلم بإعداده صلي الله عليه وسلم وطهارته ونظافته إلا أن العقيدة الإسلامية تقوم علي أن إعداده صلي الله عليه وسلم بكل الكمالات البشرية وإعداده لتلقي الوحي لا يخرجه عن البشرية فما يطهر منه يطهر في البشر من عرقه وطيب ريحه، وما يوجب وضوءه واغتساله يوجب وضوء واغتسال البشر، وقد كان يتوضأ لكل صلاة ويغتسل للجنابة فإذا كان بوله وبرازه طاهرين فهل كان يصلي بغير وضوء، إنه صلي الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة بينما خفف علي البشر بالوضوء عند الحدث وكان صلي الله عليه وسلم يغتسل للجنابة مما هو من بداءة الفقه الإسلامي، ولم يقل بطهارة الحدثين عنده إلا بعض الشافعية الذين لم يعنهم القاضي عياض، وليس هناك إجماع كما ادعي صاحب الفتوي علي التليفزيون،
ذلك مما أوجد حالة من تزييف الاعتقاد والتضليل في تصور الناس لرسول الله صلي الله عليه وسلم بأنه مختلف عن البشر، بهذا النص (تراجع حلقة البرنامج) والذي يمثل طامة كبري في الفتوي مما يؤكد تصوره لاختلاف الرسول عن البشر قوله فيها بالنص: «وليعلم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم فرد جليل لم يأت مثله في العالمين، ولن يأتي إلي يوم الدين» إلي أن قال: «وأنه -أي الله تعالي عن ذلك- جعله عين الحضرة القدسية»، فما الحضرة القدسية؟ إنها عند الصوفية حضرة جناب الحق تبارك وتعالي، وبذا يكون الرسول صلي الله عليه وسلم عين هذه الحضرة .. عين الله!! وبذلك تزيف البشرية ويكون للرسول طبيعة إلهية، ويقع الغلو والتطرف في حقيقته صلي الله عليه وسلم إلي هذا الحد، فإذا كانت أمم أخري جعلت أنبياءها ابناً لله كما حكي القرآن الكريم فها نحن نجعل نبينا عين الحضرة القدسية!
هل باتت شطحات بعض الصوفية مصدراً للإفتاء؟ ومرجعاً لتزييف العقيدة لدي الناس؟
وثالثة الأثافي في هذه الفتوي الغريبة ما يورده صاحبها -غفر الله له- من أن الرسول صلي الله عليه وسلم نفسه كان يشرب الماء المستعمل من طهارة المسلمين، فيقول في نهاية «الفتوي» والبركة ليست خاصة بالنبي صلي الله عليه وسلم فقط كما يظن بعضهم، فقد أخرج الطبراني في الأوسط، وأبونعيم في الحلية: أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يبعث إلي «المطاهر» فيؤتي بالماء فيشربه يرجو بركة أيدي المسلمين، كما في صحيح الجامع -كما قال ولا تعليق.
لكننا سنعود إلي هذه الأحاديث وغيرها مع ملاحظة أن هذا المصدر الذي ينقل عنه مليء بالأحاديث الضعيفة التي لا تصلح في منهج الإفتاء مصدراً للإفتاء ولا مرجعاً، ولا سبيل أمامها إلا إسقاط الاستدلال بها إن كانت ضعيفة، أو تأويلها إن كان فيها شيء من الصحة.
وإن كنا نتمني أن تغلق هذه الفتاوي الخاطئة التي تضلل الناس في العقيدة باعتذار صاحب الفتوي ورجوعه شأن العلماء الحقيقيين الأثبات إلي الحق، الذين يصيخون السمع لقول الله تعالي عن الذين أنابوا إلي الله «لهم البشري فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب».
علي أن أمل المسلمين في مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف أن يعامل هذه الفتوي بمعاملة الفتوي زميلتها (إرضاع الكبير) من حيث اعتذار صاحبها ولو دون تحقيق وهو قمين بهذا لأنه الجهة التي تعقب علي الفتاوي جميعاً، وهو لا يمكن أن يفعل كما كان يفعل بعض الأمم من أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد .. معاذ الله.
http://www.almasry-alyoum.com/article.aspx?ArticleID=62653
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=609069#post609069
ـ[شتا العربي]ــــــــ[02 - 06 - 07, 01:51 م]ـ
بارك الله فيك
أحسنتم وأجدتم
ولكن ينبغي توضيح الحقيقة للناس في مصر خاصة
¥