فإذا كان بعد العقد، فأكثر الفقهاء على جوازه، ونقل الإجماع على ذلك، وأكثرهم قيدوه بمجلس التفويض.
وأما إن كان قبل العقد، فلا يصح عند أكثر الفقهاء؛ لأنه مخالف لمقتضى عقد النكاح الذي يجعل القوامة وحق الطلاق للرجل لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق:1]، وقوله: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ} [البقرة:229]، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهي دالة على جعل الطلاق منسوباً إلى الرجل لا إلى المرأة، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الطلاق لمن أخذ بالساق))؛ رواه ابن ماجه، ونظرا لطبيعة المرأة العاطفية التي قد تدفعها لإساءة التصرف، فتطلق نفسها لأهون الأسباب، وتهدم عش الزوجية؛ قال ابن رشد في "بداية المجتهد": "لأن العلة في جعل الطلاق بأيدي الرجال دون النساء هو: لنقصان عقلهن، وغلبة الشهوة عليهن مع سوء المعاشرة".
وأجازه الحنفية في حال ابتدأت به المرأة فقالت: زوجت نفسي منك على أن يكون أمري بيدي، فقال الزوج: قبلت، أما لو بدأ الزوج فقال: تزوجتك على أن أمرك بيدك، فلا يكون أمرها بيدها؛ لأن التفويض وقع قبل الزواج.
أما قوله: "إن هناك 50 امرأة تولت ولاية المسلمين عبر التاريخ":
فهو استدلال طريف جدا! ووجه الطرافة فيه - على فرض صحتة – أن مصادر التشريع هي الكتاب والسنة والإجماع والقياس، فالأولان متفق على الاحتجاج بهما، وخالف داود وابن حزم في الاحتجاج بالقياس، وهناك مصادر أخرى مختلف فيها كالاستحسان، والمصالح المرسلة، وفعل الصحابي، والاستصحاب، والعرف، وعمل أهل المدينة، والمفهوم إلى غير ذلك، وليس في واحد منها ما احتج به الشيخ، فلو أنه كلف نفسه ونقل لنا اسم امرأة واحدة منهن؛ لأن أئمة الإسلام قد نقلوا خلاف ذلك؛ قال ابن قدامة في "المغني": "لم يولِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد من خلفائه ولا من بعدهم امرأة قضاءً ولا ولاية بلد - فيما بلغنا - ولو جاز ذلك لم يخل منه جميع الزمان غالبا".
وليعلم أن تولية المرأة الإمامة باطل بالنص والإجماع والمعقول؛ أما النص فقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة))؛ رواه البخاري عن أبي بكرة قال الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار": "فيه دليل على أن المرأة ليست من أهل الولايات ولا يحل لقوم توليتها؛ لأن تجنب الأمر الموجب لعدم الفلاح واجب، وقال: ولأن هذا المنصب تناط به أعمال خطيرة وأعباء جسيمة تتنافى مع طبيعة المرأة، وفوق طاقتها؛ فيتولى الإمام قيادة الجيوش ويشترك في القتال بنفسه أحيانا".
أما الإجماع: فقد أجمعت الأمة على منعها من تولي منصب الإمامة على جميع المسلمين أو بعضهم، ولم يخالف في ذلك أحد من علماء المسلمين في كل عصورهم. كما نقله ابن قدامه.
أما المعقول: فلأن الولاية تتطلب الرأي وثبات العزم وهو ما تضعف عنه النساء؛ لما جبلت عليه من الرقة والعاطفة وسرعة الانفعال وهذه الطبيعة تتطلب منها الاستقرار في البيت للقيام بوظيفة الإنجاب والتربية ومصالح البيت والأولاد أحسن قيام، مما يفوت عليها الاطلاع الشمولي على مجريات الأحداث خارج البيت، وهو ما يجعلها غير قادرة على القيام بمهام الولاية.
وقد خلق الله عقل المرأة أقل ضبطاً وحفظاً للأمور من عقل الرجل لحكم؛ منها: ملائمة وظائفها الأخرى التي تحتاج فيها إلى كمال العاطفة أكثر من احتياجها فيها إلى كمال العقل؛ فتلك الطبيعة تتنافى مع مهام الولاية.
ولذا؛ فإن الشهادة - التي يلزم لها تثبت وإعمال عقل- جعلت فيها شهادة امرأتين مقابل شهادة رجل صوناً للحقوق؛ قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة:282].
أما قوله: "وهناك سيدتان تولتا القضاء منهما أم الخليفة المقتدر":
فتولي امرأتين القضاء على طول تلك العصور لا يقدح في القاعدة العامة، وهو - على شذوذه - لم يذكر الشيخ أتمت تلك الولاية بموافقة العلماء أم كانت قسراً وقهراً؟!
¥