وقال: (وَقَوْلُ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ: ((لَا تَحْوِيهِ الْجِهَاتُ السِّتُّ كَسَائِرِ الْمُبْتَدَعَاتِ)) هُوَ حَقٌّ، بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يُحِيطُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ، بَلْ هُوَ مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَفَوْقَهُ. وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ، لِمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ: أَنَّهُ تَعَالَى مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَفَوْقَهُ. فَإِذَا جُمِعَ بَيْنَ كَلَامِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: (لَا تَحْوِيهِ الْجِهَاتُ السِّتُّ كَسَائِرِ الْمُبْتَدَعَاتِ) وَقَوْلُهُ: (مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ وَفَوْقَهُ) عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَحْوِيهِ شَيْءٌ، وَلَا يُحِيطُ بِهِ شَيْءٌ، كَمَا يَكُونُ لِغَيْرِهِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ، الْعَالِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ) أ. ه
... ثانيا: طعنك في الشارح
وأما طعنك في عقيدة ابن أبي العز -رحمه الله- وافترائك عليه أنه طعن بعصمة رسول الله ? وأنه قال أقوال مستشنعة فغير صحيح , وحاصل الأمر كما جاء في (تاريخ ابن قاضي شهبة) (ص89) (أن ابن أبي العز أنكر بعض ما جاء في قصيدة ابن ايبك في مدح النبي ? -وقد غلا فيها- , ومما جاء فيها قوله (حسبي رسول الله) فقال: لا يقال: هذا إلا عن الله تعالى ,وقوله (أشفع لي) قال: لا تطلب منه الشفاعة , وقوله: (المعصوم من الزلل) فقال: إلا زلة العتاب, وقوله: (يا خير خلق الله) زعم أن الراجح تفضيل الملائكة ... ) أ. هـ بتصرف
التعليق عل هذه المسائل:
1 - (حسبي رسول الله) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى - (ج 1 / ص 306)
قال تعالى: (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) ومعنى ذلك عند جماهير السلف والخلف أن الله وحده حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين)
قال ابن القيم في زاد المعاد (ج 1 / ص 36):
(فَإِنّ " الْحَسْبَ " و " الْكِفَايَةَ " لِلّهِ وَحْدَهُ كَالتّوَكّلِ وَالتّقْوَى وَالْعِبَادَةِ قَالَ اللّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الّذِي أَيّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} [الْأَنْفَالُ 62]. فَفَرّقَ بَيْنَ الْحَسْبِ وَالتّأْيِيدِ فَجَعَلَ الْحَسْبَ لَهُ وَحْدَهُ وَجَعَلَ التّأْيِيدَ لَهُ بِنَصْرِهِ وَبِعِبَادِهِ وَأَثْنَى اللّه سُبْحَانَهُ عَلَى أَهْلِ التّوْحِيدِ وَالتّوَكّلِ مِنْ عِبَادِهِ حَيْثُ أَفْرَدُوهُ بِالْحَسْبِ فَقَالَ تَعَالَى: {الّذِينَ قَالَ لَهُمُ النّاسُ إِنّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عِمْرَانَ 173]. وَلَمْ يَقُولُوا: حَسْبُنَا اللّهُ وَرَسُولُهُ فَإِذَا كَانَ هَذَا قَوْلَهُمْ وَمَدَحَ الرّبّ تَعَالَى لَهُمْ بِذَلِكَ فَكَيْفَ يَقُولُ لِرَسُولِهِ اللّهُ وَأَتْبَاعُك حَسْبُك وَأَتْبَاعُهُ قَدْ أَفْرَدُوا الرّبّ تَعَالَى بِالْحَسْبِ وَلَمْ يُشْرِكُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِهِ فِيهِ فَكَيْفَ يُشْرِكُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ فِي حَسْبِ رَسُولِهِ؟ هَذَا مِنْ أَمْحَلْ الْمُحَالِ وَأَبْطَلْ الْبَاطِلِ) أ. ه
فابن أبي العز لم يأتي بشيء من عنده بل وافق قول شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهم ...
2 - وأما قوله لا يجوز أن يقال: (أشفع لي) , وإنما يقال: اللهم شفعه فيَّ , فقد نزع فيه إلى حديث عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتى النبي ? (فقال: ادع الله أن يعافيني, قال: إن شئت دعوت ,وإن شئت صبرت فهو خير لك, قال: فادعه, قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي, اللهم فشفِّعه فيَّ ... )
وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (1/ 233)
(وأما دعاء الرسول وطلب الحوائج منه وطلب شفاعته عند قبره أو بعد موته فهذا لم يفعله أحد من السلف ومعلوم أنه لو كان قصد الدعاء عند القبر مشروعا لفعله الصحابة والتابعون وكذلك السؤال به فكيف بدعائه وسؤاله بعد موته)
¥