[حوار مع قبوري]
ـ[أبو ناصر المكي]ــــــــ[27 - 05 - 07, 09:43 ص]ـ
[حوار مع قبوري]
: إعداد / خالد أبو صالح:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه ومن التزم هديه إلى يوم الدين
أما بعد:
فقد جاء إلي بوجه عبوس غاضب .. ثم إبتدرني قائلا: لماذا تحرمون كل شيئ؟ وماذا فعل الأولياء لكم حتى تبغضوهم وتناصبوهم العداء؟
قلت له: لا تطلق الكلام هكذا جزافا ولكن حدد ما تريد أن تقوله لأراجع نفسي فيه, فإن كنت مخطئا , اعترفت لك بخطئي , وإن كنت مصيبا حاورتك وبينت لك وجة نظري ومنطلقي الشرعي.
قال صاحبي: أنت تعلم ما أقول .. فأنتم تحرمون تشييد القبور وبناء المساجد عليها .. وتحرمون الصلاة عند القبور ,والمجاورة والإجتماع عندها , وتحمون الذبح والنذر لأولياء الله , وشد الرحال إلى قبورهم, وتحرمون الإستغاثة بأولياء الله وطلب الحوائج منهم, بل إنكم تحمون تقبيل عتبات الأولياء وأضرحتهم والتمسح بها. هل علمت كيف أنكم تعادون أولياء الله ولا تحبونهم؟!
قلت له: الآن وضحت الصورة, ولنتفق أولا على بعض المقدمات قبل أن أبدأ في محاورتك حول ما أشرت غليه من أمور:
أولا: إن الذي يملك حق التحريم والتحليل ليس أنا ولا أنت, وإنما هو الله تبارك وتعالى ,ورسوله المبلغ ,فالذي يقول عن شيئ: هو حلال أو حرام لا بد أن يأتي بدليل من الكتاب أو من السنة وإلا كان من الذين يفترون على الله الكذب كما قال سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ}.وقال سبحانه: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.وقال سبحانه: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ}.فهل تتفق معي على أن صاحب التحليل والتحريم هو الله تبارك وتعالى, ثم رسوله صلى الله عليه وسلم الذي قال الله عنه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}.وقال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى, إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.
قال صاحبي:نعم أتفق معك في ذلك.
قلت: الأمر الثاني هو: من تقصد بالأولياء؟
قال صاحبي: أولياء الله الصالحون الذين لهم قبور معروفة يقصدها الناس بالزيارة والتعظيم.
قلت: ومن ليست لهم قبور معروفة من سادات الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل الفضل أليسوا من أولياء الله الصالحين؟! ألم يكن أبو هريرة رضي الله عنه وليا لله؟
قال صاحبي:بلى! قلت: ابن عمر وابن عباس وأنس بن مالك وغيرهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم يكونوا من أولياء الله الصالحين؟ قال صاحبي: بلى. قلت: هؤلاء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم من سادات التابعين ومن بعدهم من العلماء والصالحين ليست لهم قبور مشيدة ,فلما حصرتم ولاية الله في طائفة قليلة ممن شُيدة قبورهم وزخرفت وقصدها الناس بالزيارة والتعظيم؟
إن كانت محبتكم لهؤلاء محبة شرعية فلماذا فرطتم في محبة سائر الصحابة والتابعين وأهل الفضل؟ أليس هذا يعد تقصيرا منكم؟
فأولياء الله تعالى هم أهل الإيمان والتقوى والعمل الصالح, كما قال تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ,الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} , فكل من كان مؤمنا تقيا كان لله وليا ولذلك فنحن نحب جميع أولياء الله تعالى وأنصاره, وأنتم الذين قصَرتم محبتكم على طائفة قليلة من أصحاب القبور والمشاهد.
الأمر الثالث: أن المحبة تنقسم إلى قسمين: محبة شرعية, ومحبة شركية, فالمحبة في الله عز وجل التي لا مخالفة فيها لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هي المحبة الشرعية.
¥