أن يكون عليٌّ مغلوبًا من المرتدين، وأن الحسن قد سلم أمر المسلمين إلى المرتدين. بينما نجد أن خالد بن الوليد قد حارب المرتدين زمن أبي بكر وقهرهم، فيكون نصر الله لخالد على الكفار أعظم من نصره لعلي! والله سبحانه وتعالى عدل لا يظلم واحدًا منهما، فيكون أفضل عند الله منه، بل إن جيوش أبي بكر وعمر وعثمان ونوابهم كانوا منصورين على الكفار، بينما علي عاجز عن مقاومة المرتدين!
أيضا: فإن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} ـ[آل عمران:139]، ويقول: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} ـ[محمد:35]، وعلي رضي الله عنه دعا معاوية إلى السلم في آخر الأمر لما عجز عن دفعه عن بلاده، وطلب منه أن يبقى كل واحد منهما على ما هو عليه، فإن كان أصحابه مؤمنين وأولئك مرتدين ـ كما تزعم الشيعة ـ وجب أن يكون أصحابه هم الأعلون، وهو خلاف الواقع!
إن الشيعة تعجز عن إثبات إيمان علي وعدالته، ولا يمكنهم ذلك إلا إذا صاروا من أهل السنة؛ لأنه إذا قالت لهم الخوارج وغيرهم ممن يكفرون عليًا أو يفسقونه: لا نسلم أنه كان مؤمنًا، بل كان كافرا أو ظالما ـ كما يقول الشيعة في أبي بكر وعمرـ لم يكن لهم دليل على إيمانه وعدالته إلا وذلك الدليل على إيمان أبي بكر وعمر وعثمان أدل.
فإن احتجوا بما تواتر من إسلامه وهجرته وجهاده، فقد تواتر ذلك عن هؤلاء، بل تواتر إسلام معاوية وخلفاء بني أمية وبني العباس وصلاتهم وصيامهم وجهادهم للكفار!
فإن ادعوا في واحد من هؤلاء النفاق أمكن الخارجي أن يدعي في علي النفاق!
وإن ذكروا شبهة ذكر ما هو أعظم منها!
وإن قالوا ما تقوله أهل الفرية من أن أبا بكر وعمر كانا منافقين في الباطن عدوين للنبي صلى الله عليه وسلم أفسدا دينه بحسب الإمكان، أمكن الخارجي أن يقول ذلك في علي، ويوجه ذلك بأن يقول كان يحسد ابن عمه ـ والعداوة في الأهل ـ وكان يريد فساد دينه، فلم يتمكن من ذلك في حياته وحياة الخلفاء الثلاثة حتى سعى في قتل الخليفة الثالث وأوقد الفتنة، حتى تمكن من قتل أصحاب محمد وأمته بغضا له وعداوة، وكان مباطناً للمنافقين الذين ادعوا فيه الإلهية والنبوة، وكان يظهر خلاف ما يبطن لأن دينه التقية، ولهذا كانت الباطنية من أتباعه وعندهم سره وهم ينقلون عنه الباطن الذين ينتحلونه!
وإن أرادوا إثبات إيمانه وعدالته بنص القرآن عليه، قيل لهم: القرآن عام وتناوله له ليس بأعظم من تناوله لغيره، وما من آية يدعون اختصاصها به إلا أمكن أن يدعى اختصاصها واختصاص مثلها أو أعظم منها بأبي بكر وعمر، فباب الدعوى بلا حجة ممكنة، والدعوى في فضل الشيخين أمكن منها في فضل غيرهما.
وإن قالوا: ثبت ذلك بالنقل والرواية، فالنقل والرواية في أولئك أشهر وأكثر، فإن ادعوا تواترا فالتواتر هناك أصح، وإن اعتمدوا على نقل الصحابة فنقلهم لفضائل أبي بكر وعمر أكثر!
يزعم الشيعة أن عليًا كان أحق الناس بالإمامة لثبوت فضله على جميع الصحابة ـ كما يدعون ـ ولكثرة فضائله دونهم، فنقول: هبكم وجدتم لعلي رضي الله عنه فضائل معلومة؛ كالسبق إلى الإسلام والجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسعة العلم والزهد، فهل وجدتم مثل ذلك للحسن والحسين رضي الله عنهما في مقابل سعد بن أبي وقاص وعبدالرحمن بن عوف وعبد الله بن عمر وغيرهم من المهاجرين والأنصار؟!
هذا ما لا يقدر أحد على أن يدعيه لهما، فلم يبق إلا دعوى النص عليهما، وهذا مالا يعجز عن مثله أحد، ولو استحلت الأموية ـ مثلا ـ أن تجاهر بالكذب في دعوى النص على معاوية لكان أمرهم في ذلك أقوى من أمر الشيعة؛ لقوله تعالى: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً} ـ[الإسراء:33]
فسيقولون: المظلوم هو عثمان بن عفان، وقد نصر الله معاوية لتوليه دم عثمان!
تزعم الشيعة أن أبابكر وعمر اغتصبا الخلافة من علي وتآمرا عليه لكي يمنعوه منها .. الخ افترائهم.
¥