[لقاء مع فضيلة الشيخ عبدالرحمن البراك -حفظه الله- حول شبهات للمفوضة]
ـ[حارث همام]ــــــــ[16 - 06 - 07, 09:31 م]ـ
فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن ناصر البراك حفظه الله
السلام عليكم ورحمه وبركاته
هذه شبهة تفويضية يكثر المبتدعة الأشاعرة يا شيخنا الكريم من تردادها وهي قولهم:
قلتم يا سلفيون في جميع صفات الله سبحانه أنها معلومة المعنى مجهولة الكيف، فما جوابكم إن سألناكم عن معنى اليد والساق والرجل؟ وعن معنى الضحك والغضب؟ وهل المعنى الذي تثبتونه هو ما ورد في معاجم اللغة أم هو شيء آخر؟ فإن كان شيئاً آخر فبينوه فإن لم تذكروا شيئاً في بيان هذا المعنى فأنتم في الحقيقة مفوضة وإن كابرتم.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله ...
مذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته هو المذهب الحق الموافق لصحيح المنقول وصريح المعقول، وهو مبني على ثلاثة أصول: الإثبات لما أثبته الله لنفسه، ونفي مماثلته تعالى لخلقه، ونفي العلم بالكيفية.
فأما الإثبات فدليله قوله تعالى: (فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير)، ونظائر هذه الآية، فمن الإيمان الإيمان بما وصف الله به نفسه أو صفه به رسوله.
ودليل نفي التمثيل قوله تعالى: (ولم يكن له كفواً أحد)، (ليس كمثله شيء)، ونحو ذلك.
ودليل نفي العلم بالكيفية قوله تعالى: (ولايحيطون به علماً)، وقوله تعالى: (ولاتقف ما ليس لك به علم)، وقوله تعالى: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لاتعلمون).
ومعلوم أن الأسماء والصفات التي جاءت مضافةً إلى الله أيضاً جاءت مضافة إلى العباد، بل بعض الصفات المضافة إلى الإنسان تأتي مضافة إلى الحيوان، كالوجه واليد والرأس والعين، ومعلوم أنه لايلزم من الاتفاق بين الإنسان والحيوان في هذه الأسماء أن يكون الإنسان مماثلاً للحيوان وإلاّ لصح أن يقال الإنسان كالقرد والخنزير والحمار أو غيرها من الحيوانات التي تضاف إليها تلك الصفات، ولكن لما كانت هذه المخلوقات مشاهدة كانت كيفياتها معلومة.
وكذلك بعض الصفات المضافة للإنسان كالوجه واليد والعين، أو المضافة إلى بعض الحيوان كالجناح، جاءت مضافة للملائكة، كما قال تعالى: (والملائكة باسطوا أيديهم)، وقال: (جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء).
ومعقول من معنى اليد المضافة للملائكة والإنسان أنها التي يكون بها الأخذ والعطاء والفعل والقبض والبسط.
ويكون بالجناح الطيران.
ولم يلزم من ذلك أن أيدي الملائكة كأيدي الناس والحيوان، ولا أجنحتهم كأجنحة هذه الطيور، فمعناها معقول وكيفيتها مجهولة، هذا مع أن الجميع مخلوق.
فصفات الملائكة مباينة لصفات الإنسان والحيوان ومعانيها مفهومة للمخاطبين، وشأن الله أعظم من ذلك، فكل موصوف صفاته مناسبة له، فإن كان الله لايماثل شيئاً من مخلوقاته ولايماثله شيء من خلقه فكذلك صفاته، فهو سبحانه ليس كمثله شيء لافي ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
ومذهب أهل السنة في هذا الباب هو الصراط المستقيم، وكل من خالفهم فقد انحرف عن الصراط بدرجات متفاوتة، ومذهب أهل السنة مستقيم لاتناقض فيه ولا اضطراب، والمذاهب المخالفة متناقضة فيثبتون الشيء وينفون نظيره، وينفون الشيء ويثبتون نظيره، وهذا لازم لكل من نفى شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا مخرج لهم عن هذا التناقض إلاّ بالرجوع إلى الحق بإثبات كل ما أثبته الله لنفسه، وأثبته له رسوله على الوجه اللائق به سبحانه، أو ينتهي به الأمر إلى غاية الإلحاد بنفي وجود الله سبحانه وتعالى.
والمعطلة لجميع الصفات من الجهمية والمعتزلة بنوا مذهبهم على شبهات زعموها حججاً عقلية عارضوا بها نصوص الكتاب والسنة، وزعموا أن ما دلت عليه هذه الحجج هو الحق الذي يجب اعتقاده، وأن ظواهر النصوص كفر وباطل، فأوجبوا لذلك صرفها عن ظاهرها، بشتى التأويلات التي لادليل عليها، فجمعوا بين التعطيل لصفات الرب وتحريف كلامه وكلام رسوله.
¥