تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإليك هذه الأصول المنهجية في مذهبهم موجزة وميسرة ما أمكن - عدا أقوالهم في الصفات وعدا الفرعيات التي لا تدخل تحت حصر - مع التنبيه مقدماً إلى ما بينها من تناقض لا يخفى على القارئ الفطن.

الأول مصدر التلقي:

أ- مصدر التلقي عند الأشاعرة هوالعقل، وقد صرح الجويني والرازي والبغدادي والغزالي والآمدي والإيجي وابن فورك والسنوسي وشراح الجوهرة وسائر أئمتهم بتقديم العقل على النقل عند التعارض، وعلى هذا جرى المعاصرون منهم، ومن هؤلاء السابقين من صرح بأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة أصل من أصول الكفر وبعضهم خففها فقال: هو أصل الضلالة!!

ولضرورة الاختصار أكتفي بمثالين مع الإحالة إلى ما في الحاشية لمن أراد المزيد:

الأول: وضع الرازي في أساس التقديس القانون الكلي للمذهب في ذلك فقال: "الفصل الثاني والثلاثون في أن البراهين العقلية إذا صارت معارضة بالظواهر النقلية فكيف يكون الحال فيها؟

اعلم أن الدلائل القطعية العقلية إذا قامت على ثبوت شيء ثم وجدنا أدلة نقلية يشعر ظاهرها بخلاف ذلك فهناك لا يخلو الحال من أحد أمور أربعة:

1 - إما أن يصدق مقتضى العقل والنقل فيلزم تصديق النقيضين وهو محال.

2 - وإما أن يبطل فيلزم تكذيب النقيضين وهو محال.

(1/ 16)

3 - وإما أن يصدق الظواهر النقلية ويكذب الظواهر العقلية وذلك باطل. لأنه لا يمكننا أن نعرف صحة الظواهر النقلية إلا إذا عرفنا بالدلائل العقلية إثبات الصانع وصفاته وكيفية دلالة المعجزة على صدق الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وظهور المعجزات على يد محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ولو جوزنا القدح في الدلائل العقلية القطعية صار العقل متهماً غير مقبول القول، ولو كان كذلك لخرج أن يكون مقبول القول في هذه الأصول، وإذا لم تثبت هذه الأصول خرجت الدلائل النقلية عن كونها مفيدة.

فثبت أن القدح في العقل لتصحيح النقل يفضي إلى القدح في العقل والنقل معاً وأنه باطل، ولما بطلت الأقسام الأربعة (1) لم يبق إلا أن يقطع بمقتضى الدلائل العقلية القاطعة بأن هذه الدلائل النقلية إما أن يقال أنها غير صحيحة (2) أو يقال: إنها صحيحة إلا أن المراد منها غير ظواهرها.

ثم إن جوزنا التأويل اشتغلنا على سبيل التبرع بذكر تلك التأويلات على التفصيل (3).

وإن لم يجز التأويل فوضنا العلم بها إلى الله تعالى. فهذا هو القانون الكلي المرجوع إليه في جميع المتشابهات وبالله التوفيق" اهـ.

الثاني: يقول السنوسي [ت:885] في شرح الكبرى:

"وأما من زعم أن الطريق بَدْأً إلى معرفة الحق الكتابُ والسنةُ ويحرم ما سواهما، فالرد عليه أن حجتيهما لا تعرف إلا بالنظر العقلي، وأيضاً فقد وقعت فيهما ظواهر من اعتقدها على ظاهرها كفر عند جماعة وابتدع".

ويقول: " .. أصول الكفر ستة .. ذكر خمسة ثم قال:


(1) هو هكذا كما أساس التقديس (172 - 173) ولعل الصواب: الثلاثة؛ لأن الرابع هو ما سيأتي. (الناشر).
(2) يلاحظ أن الدلائل النقلية تشمل نصوص الكتاب والسنة معاً فكيف يقال أنها غير صحيحة دون تفريق بينهما. مع أن مجرد إطلاقها على السنة وحدها في غاية الخطورة.
(3) هل وصلت قيمة نصوص الوحي إلى حد أن الاشتغال بتأويلها-الذي هو تحريف لها - يعتبر تبرعاً وإحساناً؟!
(1/ 17)

سادساً: التمسك في أصول العقائد بمجرد ظواهر الكتاب والسنة، من غير عرضها على البراهين العقلية والقواطع الشرعية".
ب- صرح متكلموهم -ومنهم من سبق في فقرة "أ" أن نصوص الكتاب والسنة ظنية الدلالة، ولا تفيد اليقين إلا إذا سلمت من عشرة عوارض.
منها: الإضمار والتخصيص والنقل والاشتراك والمجاز ... إلخ، وسلمت بعد هذا من المعارض العقلي، بل قالوا: من احتمال المعارض العقلي!! (1).
ج- موقفهم من السنة خاصة أنه لا يثبت بها عقيدة، بل المتواتر منها يجب تأويله وآحادها لا يجب الاشتغال بها حتى على سبيل التأويل، حتى إن إمامهم الرازي قطع بأن رواية الصحابة كلهم مظنونة بالنسبة لعدالتهم وحفظهم سواء، وأنه في الصحيحين أحاديث وضعها الزنادقة .. إلى آخر مالا أستجيز نقله لغير المختصين، وهو في كتابه أساس التقديس والأربعين.
د- تقرأ في كتب عقيدتهم قديماً وحديثاً المائة صفحة أو أكثر، فلا تجد فيها آية ولا حديثاً لكنك قد تجد في كل فقرة "قال الحكماء" أو "قال المعلم الأول" أو "قالت الفلاسفة" ونحوها ..
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير