تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أراد الأشاعرة هنا أن يوفقوا بين الجبرية والقدرية فجاءوا بنظرية الكسب وهي في مآلها جبرية خالصة لأنها تنفي أيَّ قدرة للعبد أو تأثير.

أما حقيقتها النظرية الفلسفية فقد عجز الأشاعرة أنفسهم عن فهمها فضلاً عن إفهامها لغيرهم ولهذا قيل:

مما يقال ولا حقيقة تحته …معقولة تدنو إلى الأفهام

الكسب عند الأشعري والحال عنـ…ـد البهشمي وطفرة النظام

ولهذا قال الرازي الذي عجز هو الآخر عن فهمها: "إن الإنسان مجبور في صورة مختار".


(1) مجموع الفتاوى: (2/ 50).
(2) عن القرآن عندهم انظر: الإنصاف: (96 - 97) وما بعدها، الإرشاد: (128 - 137)، أصول الدين: (107)، المواقف (293)، شرح الباجوري على الجوهرة: (64 - 66، 84)، متن الدردير: (25) من مجموع مهمات المتون، التسعينية وقد استغرق موضوع الرد عليهم في القرآن أكثر مباحثها ومن أعظمها وأنفسها ما ذكره في الوجه السابع والسبعين فليراجع.
(1/ 23)

أما البغدادي فأراد أن يوضحها فذكر مثالاً لأحد أصحابه في تفسيرها شبه فيه اقتران قدرة الله بقدرة العبد مع نسبة الكسب إلى العبد "بالحجر الكبير قد يعجز عن حمله رجل ويقدر آخر على حمله منفرداً به فإذا اجتمعا جميعاً على حمله كان حصول الحمل بأقواهما، ولا خرج أضعفهما بذلك عن كونه حاملاً".
وعلى مثل هذا المثال الفاسد يعتمد الجبرية وبه يتجرأ القدرية المنكرون، لأنه لو أن الأقوى من الرجلين عذب الضعيف وعاقبه على حمل الحجر فإنه يكون ظالماً باتفاق العقلاء؛ لأن الضعيف لا دور له في الحمل، وهذه المشاركة الصورية لا تجعله مسئولاً عن حمل الحجر.
والإرادة عند الأشاعرة معناها [المحبة والرضا] وأولوا قوله تعالى: ((وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ)) [الزمر:7] بأنه لا يرضاه لعباده المؤمنين!
فبقي السؤال وارداً عليهم: وهل رضيه للكفار أم فعلوه وهو لم يرده؟
وفعلوا بسائر الآيات مثل ذلك، ومن هذا القبيل كلامهم في الاستطاعة.
والحاصل أنهم في هذا الباب خرجوا عن المنقول والمعقول ولم يعربوا عن مذهبهم فضلاً عن البرهنة عليه!! (1).
السابع السببية وأفعال المخلوقات:
ينكر الأشاعرة الربط العادي بإطلاق، وأن يكون شيءٌ يؤثر في شيء، وأنكروا كل "باء سببية" في القرآن، وكفروا وبدعوا من خالفهم.
ومأخذهم فيها هو مأخذهم في القدر، فمثلاً عندهم من قال: إن النار تحرق بطبعها أو هي علة الإحراق فهو كافر مشرك؛ لأنه لا فاعل عندهم إلا الله مطلقاً، حتى إن أحد نحاة الأندلس من دولة الموحدين التومرتية الأشعرية هدم [نظرية العامل] عند النحاة مدعياً أن الفاعل هو الله!!

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير