تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا التفسير الذي ابتدعه الزمخشري هنا في الكرسي عول عليه في كثير من آيات الصفات في الكشاف فانظر مثلاً تفسير قول الله تعالى في سورة الزمر (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه) ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [إن الله يقبض الأرضين بشماله ويطوي السموات بيمينه، ويقول أنا الملك أين ملكوم الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟].

فالزمخشري يستعمل هذا الأسلوب أيضاً في نفي صفة اليمين والشمال والقبض والطي، فيقول هو في هذه الآية: هذا تخييل حسي فالله يريد أن يخيل لنا عظمته فجاء بهذا المثال الحسي الذي فيه كأن السموات بيمينه وكأن الأرض بشماله وليس له لا طي ولا قبض وليس له يمين ولا شمال، وهذا كما قلت لكم من أشنع ما قيل في صفات الله سبحانه وتعالى لأن مؤداه أن الله يكذب علينا، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

ثانيهما: الكرسي بمعنى العرش فهما سواء، ونقل هذا عن الحسن البصري، وروي هذا عنه من طريق جويبر عن الضحاك، وهذا الأثر لا يثبت عن الحسن البصري ()، لأنه فيه علة وهي: ضعف الأسناد فجويبر تالف.

قال الإمام ابن كثير والإمام البيهقي في الأسماء والصفات، والصحيح عن الحسن وغيره من السلف أن العرش غير الكرسي.

ثالثهما: قيل الكرسي بمعنى العلم، (وسع كرسيه السموات والأرض) أي علمه، نقل عن ابن عباس رضي الله عنه بإسناد – قال عنه ابن كثير والبيهقي في الأسماء والصفات وأبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة إنه شاذ أي هذا الإسناد شاذ والرواية المحفوظة عنه الثابتة أن الكرسي موضع القدم.

وهذا التفسير رده الإمام ابن جرير في أول الأمر وقال: "إن الرواية الثابتة عن ابن عباس في تفسير الكرسي وهو موضع القدمين، هي المعتمدة" ثم انتكس الإمام ابن جرير عليه رحمة الله في تفسيره عند آية الكرسي فنقل هذه الرواية الشاذة وقال هي المعتمدة في تفسير الكرسي، فبعد أن قرر أن القول الأول هو المعتمد نقضه وقال القول الثاني هو المعتمد وهذا عجيب من مثل الإمام ابن جرير، وقد قرر الإمام ابن جرير هذا القول الشاذ بقوله تعالى حكاية من الملائكة (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً)، وهذا الاستدلال في الحقيقة لا يتناسب مع حذق الإمام ابن جرير وفهمه لأنه يلزم على قوله أن يفسر الكرسي بالرحمة كما فسر بالعلم، لأن ذكرت الآيتين، ثم إنه لا مناسبة بين الكرسي والعلم، لأن الكرسي واحد الكراسي وهو معروف، والعلم معروف فلا مناسبة بينهما ولو صح تفسير الشيء بما لا يدل عليه في لغة العرب لصح أن نفسر بعد ذلك الأحكام الشرعية كما نريد () وهذا التفسير تبناه محمد عبده في هذا العصر وعليه جمهور المؤولة.

رابعهما: تبناه الرازي في تفسيره فقال: لا يصح تفسير الكرسي بالعرش ولا تفسيره بالعلم فقد دلت الآثار على أنه جسم عظيم أعظم من السموات والأرض – وهذا كله حق مقبول لكن انظر بعد ذلك للانتكاس يقول: لكن الرواية الثابتة عن ابن عباس موهمة مشكلة فيجب أن نقف نحوها موقفين:

الموقف الأول: أن نردها، لأنها توهم التشبيه.

الموقف الثاني: وإذا قبلناها فلابد من تأويلها ()، وقال: موضع القدمين أي موضع قدمي الروح الأعظم الذي هو جبريل أو موضع قدمي ملك آخر غيره () وهذا تأويل باطل يجب طرحه.

والأقوال الثلاثة قبله باطلة أيضاً والمعتمد هو قول ابن عباس وأبي موسى الأشعري وأبي ذر، وتقدم ذكره وقد ورد أن الكرسي بجانب العرش كحلقة في فلاة والسموات السبع والأراضين السبع بجانب الكرسي كحلقة في فلاة.

2 - وأما السنة:

تواترت الأحاديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام بأن الله فوق عرشه على سمواته بائن من خلقه سبحانه وتعالى، وهذه الأحاديث المتواترة لن أفيض فيها إنما سأذكر ثلاثة منها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير