فهذه الكتب بالفعل كالخمر (قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) (219) سورة البقرة.
قال ابن القيم: ("والمقصود أن هذه الكتب المشتملة على الكذب والبدعة يجب إتلافها وإعدامها، وهي أولى بذلك من إتلاف آلات اللهو والمعازف، وإتلاف آنية الخمر، فإن ضررها أعظم من ضرر هذه، ولا ضمان فيها، كما لا ضمان في كسر أواني الخمر وشق الزقاق ").
وقال المروذي: قلت لأحمد: استعرت كتابا فيه أشياء رديئة، ترى أن أخرقه أو أحرقه، قال: نعم، فأحرقه. والله اعلم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
(4) بيان وقت الانتهاء من الرد على المبتدع:
وقت الانتهاء من الرد هو انتهاء المبتدع عن بدعته وإعلان ذلك, ويختلف هذا ان كان لديه بعض الكتب التي كان يدعوا فيها إلى البدعة أو ما شابه ذلك فلابد من الرد عليه وبيان الأخطاء التي وقع فيها حتى لا يقع فيها احد من العامة.
وقد قال الإمام احمد كلاماً جيداً يستحق الذكر لينعش به ركام ذلك البحث, فيقول:
(الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم من ضال تائه قد هدوه فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عقال الفتنة فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب مجمعون على مفارقة الكتاب يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتن المضلين)
فلا شك ان قوله (وكم من ضال تائه قد هدوه فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم) يقتضى انتهاء الرد على المبتدع لزول اصل المقتضى وهو وجود البدعة اما مواصلة الرد فهذا دليل على إتباع الهوى.
وقوله (ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة) دليل على حسن النية وهى الدفاع عن كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد كلام الجهال عنهما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
(5) عدم حصر الدين فى الرد على البدعة.
حصر الشيء فى موضع واحد يقتضى ترك شيء منه, فحصر الدين فى الرد على البدعة يقتضى ترك شيء من الدين, وهذا لا ينبغي ولا يستقيم لأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يوصنا بأخذ شيء من الدين بل أوصانا بأخذه كله.
كما ان من حصر الدين فى الرد فرضه على الجميع, وهذا من اكبر الأخطاء التي قد يقع فيها بعض الأشخاص, فالرد مقصوراً على العلماء, لأنه لا يفهم أخطاء العلماء الا العلماء أمثالهم, فقد يكون هذا العالم بالفعل على خطأ ولكن ينقصه النصيحة فقط , فلو نصحه احد طلاب العلم قد يستكبر, كما فعل العلامة بن باز مع الغزالي, ويتبين لنا أيضاً ان النصيحة ينبغي ان تكون أولاً فى السر وإلا ستجد عناد أمام تقبل تلك النصيحة.
كما ان هذا العالم قد لا يكون على خطأ وفهمه البعض فهماً خطأً فحرف الكلم عن مواضعه فأفشى به, فلابد فى هذه الحالة أيضاً من المحاورة السرية لفهم المقاصد, وهذا لا يكون الا للعالم, اما إذا كان جاهل واتى ببدعة بينة فليس هناك الا الرد البين الذي يحجم العامة على إتيان مثل تلك البدعة والله اعلم.
وحتى يتضح الكلام فى تلك الجزئية نبين ونقول ان الرد على أهل البدع يعتبر جزء من النصيحة التي قال عنه النبى صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة) ,ولكن النصيحة اكبر واعم من ان نحصرها فى الرد فقط وهذا ما قصدته بعدم حصر الدين فى الرد اى عدم حصر النصيحة فى الرد والله اعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
(6) منهج السلف فى الرد على أهل البدع.
¥