تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا شك ان ما تقدم كان له اهمية كبيرة لفهم الجزء الأهم على الإطلاق, ولكي نرتب الأفكار ونبدأ بداية سليمة نقول ان منهج السلف هو (الرد على مقدار الحاجة والضرورة فإذا تم انقضاء تلك الحاجة فالإعراض عنهم) ,اما قولنا الرد فهو الرد على البدعة بجميع أنواعها, وإما قولنا على مقدار الحاجة والضرورة اى الحاجة إلى تبين الخطأ إلى العامة حتى لا يتبعوه.

اما قولنا انقضاء الحاجة: اى إذا تم توضيح الخطأ وعرفه الناس وابتعدوا عنه وأصبحت البدعة جلية الخطأ مندثرة الدعوة فالإعراض عن الرد أولى من التصدي له حتى لا تنتشر عند البعض الأخر.

فقد قال تعالى (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أسمائه سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (180) سورة الأعراف.

قوله تعالى يلحدون: اى يميلون وينحرفون, وقوله (وذروا):اى نترك من مال وانحرف ولا نرد عليه الا مقدار الحاجة.

وقد فهمنا هذه الآية من موقف للإمام احمد رحمه الله (انه جاء إليه رجل من أهل العلم يقول له لقد صنفت كتاباً فى الرد على فرقة كذا وكذا, فقال له قد قال تعالى (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أسمائه سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) ,فترك هذا الرد.

ونحن نعلم ان الإمام احمد صنف كتاباً سماه (الرد على الزندقة والجهمية) وهو كتاباً جيد, وهذا يعنى انه يقول ان الرد ينبغي ان يكون لمقدار الحاجة والضرورة فأن لم يكن هناك حاجة فلا داعي إلى ذلك والله اعلم.

ونحن نستفيد من هذه الجزئية بعدم جواز مخالطة أهل البدع حتى وان كان للنصيحة, فكم من خالط أهل البدع ثم اخذ يتساهل معهم ثم اخذ يرتع معهم ولا حول ولا قوة الا بالله.

قال الشاطبي رحمه الله: (فإن فرقة النجاة - وهم أهل السنة - مأمورون بعداوة أهل البدع، والتشريد بهم، والتنكيل بمن انحاش إلى جهتهم، بالقتل فما دونه، وقد حذر العلماء من مصاحبتهم ومجالستهم، وذلك مظنة إلقاء العداوة والبغضاء، لكن الدرك فيها على من تسبب في الخروج عن الجماعة بما أحدثه من إتباع غير سبيل المؤمنين، لا على التعادي مطلقا، كيف ونحن مأمورون بمعاداتهم وهم مأمورون بموالاتنا والرجوع إلى الجماعة؟).

وقال الشاطبي أيضا رحمه الله: (حين تكون الفرقة تدعو إلى ضلالتها وتزينها في قلوب العوام ومن لا علم عنده، فإن ضرر هؤلاء على المسلمين كضرر إبليس، وهم من شياطين الإنس، فلا بد من التصريح بأنهم من أهل البدع والضلالة، ونسبتهم إلى الفرق إذا قامت له الشهود على أنهم منهم).

وقال ابن عبدالبر في كتابه "التمهيد" عقب حديث كعب بن مالك في قصة الثلاثة الذين خلفوا: (في حديث كعب هذا دليل على أنه جائز أن يهجر المرء أخاه إذا بدت منه بدعة أو فاحشة يرجو أن يكون هجرانه تأديبا له وزجرا عنه).

والحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير