ـ إلا أن برنابا الحواري الذى كان من أقرب الناس للمسيح دافع عنه وقدمه إلى الحواريين فقبلوه، وبما يمتلكه شاول من حدة ذكاء وقوة حيلة ووفرة نشاط استطاع تغيير توجه الدعوه الى الأمم ووضع نظام للكنيسه واستطاع أن يأخذ مكاناً مرموقاً بين الحواريين وتسمى بـ بولس فأخذه برنابا تلميذ المسيح و قربه منهم حتى خرجوا جميعا يبشرون بديانتهم في أنحاء البلدة.
وتذكر كتب التاريخ النصراني بأن "متى" ذهب إلى الحبشة، وقُتل هناك بعد أن أسس أول مدرسة لاهوتية وكنيسة فيها بتوجيه من بطرس الذي أسس كنيسة روما وقتل في عهد نيرون عام 62م. – أما بولس فذهب إلى روما وأفسس وأثينا وأنطاكية، وأسس فيها كنائس نصرانية نظير كنيسة أورشليم ورسم لهم أساقفه.
وفي أحد جولاته في أنطاكية صحبه برنابا فنشأ خلافٌ حادٌّ حول طريقة بولس بعدم إكراه الأمميين على اتباع شريعة التوراة فعادا إلى بيت المقدس لعرض الأمر على الحواريين لحسم الخلاف بينهما والذى زاد حِدَّةَ الخلاف بينهما الأسلوب الذى اتبعه بولس بأن جعل الناس يتصورون أنهم آلهه، ويمكن مراجعه كتاب أعمال الرسل: «إِنَّ الآلِهَةَ تَشَبَّهُوا بِالنَّاسِ وَنَزَلُوا إِلَيْنَا». 12فَكَانُوا يَدْعُونَ بَرْنَابَا «زَفْسَ» وَبُولُسَ «هَرْمَسَ».
ـ ثُمَّ أَتَى يَهُودٌ مِنْ أَنْطَاكِيَةَ وَإِيقُونِيَةَ وَأَقْنَعُوا الْجُمُوعَ فَرَجَمُوا بُولُسَ وَجَرُّوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ ظَانِّينَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ. فَحَصَلَ بَيْنَهُمَا مُشَاجَرَةٌ حَتَّى فَارَقَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ. وَبَرْنَابَا أَخَذَ مَرْقُسَ وَسَافَرَ فِي الْبَحْرِ إِلَى قُبْرُسَ. وَأَمَّا بُولُسُ َ فَاجْتَازَ فِي سُورِيَّةَ وَكِيلِيكِيَّةَ يُشَيِّدُ الْكَنَائِسَ.
و كان لبولس دور كبير في صياغة سائر المعتقدات النصرانية، ليظهر التثليث و الذي انتقل من العقائد الهندوسية إلى النصرانية كعقيدة جلية في كتابات ترتليان الذي عاش في القرن الثاني الميلادي، و ليصبح عقيدة رسمية للنصارى عام 381م في مجمع القسطنطينية.
مراحل تحريف الفريسين للتصرانية:
ـ فيما بين عام 51 - 55م عقد أول مجمع يجمع بين الحواريين - مجمع أورشليم - تحت رئاسة يعقوب بن يوسف النجار المقتول رجماً سنة 62م ليناقش دعوى استثناء الأمميين من أحكام الشريعه، وفيه تقرر - إعمالاً لأعظم المصلحتين - استثناء غير اليهود من الالتزام بشريعة التوراة، و قد استطاع بولس إقناع الحواريين بكون ذلك من التسهيل الذي سيكون دافعاً للأمميين للانخلاع من ربقة الوثنية و الدخول في النصرانية، و كذلك لكسب الوثنيين الرومان والذين كانوا يحكمون البلاد ولهم الأمر.
ـ كما قُرِّر في المجمع ـ أيضاً ـ تحريم الزنا، وأكل المنخنقة، والدم، وما ذبح للأوثان.
ـ بينما أبيحت فيه الخمر ولحم الخنزير والربا، مع أنها محرمة في التوراة، و ذلك بحجة دعوة الأمميين و كسب الرومان الوثنيين.
- عاد شاول اليهودي "بولس" بصحبة برنابا إلى أنطاكية مرة أخرى، وبعد صحبة غير قصيرة انفصلا وحدث بينهما مشادة عظيمة نتيجة لإعلان بولس ما جنح به كلِّيةً عن الدين، فمن ذلك:
1ـ تسمية الدين النصراني بالمسيحيه.
2ـ نسخ أحكام التوراة وابطالها، و قوله عن التوراة أنها: " كانت لعنة تخلصنا منها إلى الأبد "، و " أن المسيح جاء ليبدل عهداً قديماً بعهد جديد " مخالفا لتعاليم المسيح من أنه ماجاء لينقض بل ليكمل.
2ـ كما استعار شاول اليهودي من فلاسفة اليونان فكرة الأقنوم وهى اتصال الإله بالأرض عن طريق الكلمة، أو ابن الإله، أو الروح القدس.
4ـ و قوله بعقيدة الصلب والفداء، و كذلك قيامة المسيح.
5ـ وأن الغرض الأساسى لرسالة المسيح كان تخليص اليهود بخاصَّة من الخطيئه، و هاهنا جنح كُلِّيةً إلى مصلحة الدين اليهودي، ثم لما خشي من اتهامه باليهودية عاد فغيَّرها كليةً بنظريةٍ أخرى أكثر تعميما، و هو أن المسيح جاء ليخلِّص الأمم جمعاء، وأن الصلب كان هو الغرض من رسالته و من صعوده إلى السماء.
6ـ كما استعار بولس بذور النثليث من عقائد الهندوس و البراهمة.
وهكذا بدأ الانفصال عن شريعة التوراة، التى تعتقد بوحدانيه الله بدون شريك، والتى أنبثقت منها النصرانيه ـ من اليهود الذين آمنوا بالمسيح عليه السلام.
¥