تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فما رأيت رجلا على دينهم خيرا منه, ولا أعظم منه رغبة في الآخرة, وزهدا في الدنيا ودأبا على العبادة، وأحببته حبا ما علمت أني أحببت أحدا مثله قبله .. فلما حضر قدره قلت له: انه قد حضرك من أمر الله تعالى ما ترى, فبم تأمرني والى من توصي بي؟؟ قال: أي بني, ما أعرف أحدا من الناس على مثل ما أنا عليه الا رجلا بالموصل ..

فلما توفي, أتيت صاحب الموصل, فأخبرته الخبر, وأقمت معه ما شاء الله أن أقيم, ثم حضرته الوفاة, سألته فأمرني أن ألحق برجل في عمورية في بلاد الروم, فرحلت اليه, وأقمت معه, واصطنعت لمعاشي بقرات وغنمات، ثم حضرته الوفاة, فقلت له: الى من توصي بي؟ فقال لي: يا بني ما أعرف أحدا على مثل ما كنا عليه, آمرك أن تأتيه, ولكنه قد أظلك زمان نبي يبعث بدين ابراهيم حنيفا .. يهاجر الى أرض ذات نخل بين حرّتين, فان استطعت أن تخلص اليه فافعل، وان له آيات لا تخفى, فهو لا يأكل الصدقة .. ويقبل الهدية. وان بين كتفيه خاتم النبوة, اذا رأيته عرفته) إلى آخر القصة المشهورة.

فهذه القصة تبين أن المذهب الأريوسي كان موجودا في الشام و مصر وقت بعثة النبي محمد عليه الصلاة و السلام فإن الأريوسية كانت قد انحصر فيها التوحيد دون بقية مذاهب النصارى، و كان النبي عليه الصلاة و السلام يعلم ذلك بوحي من ربه عز وجل، ففي أواخر السنة السادسة للهجرة أرسل النبي صلى الله عليه وسلم، إلى كل من هرقل إمبراطور الروم والمقوقس حاكم الإسكندرية رسالة إلى هرقل ذكر فيها بصريح العبارة اسم 'الأريسيين'

و هذا نص رسالة المصطفى عليه الصلاة و السلام إلى هرقل:

'بسم الله الرحمن الرحيم• من محمد عبدالله ورسوله، إلى هرقل عظيم الروم• سلام على من اتبع الهدى• أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام: أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين• فإن توليت فعليك إثم الأريسيين• و'يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضا أَرْبَابا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ' (آل عمران 64)

وقد تم العثور على النسخة الأصلية لهذه الرسالة

و ذكر ابن اسحق وغيره أن هرقل أجاب مبعوث الرسول إليه، واسمه دحية بن خليفة قائلا: 'إني لأعلم أن صاحبك نبي مرسل، وأنه الذي كنا ننتظره ونجده في كتابنا، ولكني أخاف الروم على نفسي، ولولا ذلك لاتبعته، فاذهب إلى 'ضغاطر' الأسقف، فاذكر له أمر صاحبكم فهو والله أعظم في الروم مني، وأجوَز قولا عندهم مني، فانظر ما يقول'• وتضيف الرواية أن دحية ذهب إلى 'ضغاطر' هذا فأخبره بما جاء به من رسول الله إلى هرقل وبما يدعوه إليه فقال ضغاطر: 'صاحبك والله نبي مرسل نعرفه بصفته ونجده في كتبنا باسمه'• ثم دخل فألقى ثيابا كانت عليه سودا ولبس ثيابا بيضاء ثم أخذ عصاه فخرج على الروم وهم في الكنيسة فقال: 'يا معشر الروم إنه قد جاءنا كتاب من أحمد يدعونا فيه إلى الله عز وجل• وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن أحمد عبده ورسوله'• قال دحية: 'فوثبوا عليه وثبة رجل واحد فضربوه حتى 'قتلوه' (كذا!) '• فلما رجع دحية إلى هرقل وأخبره الخبر قال: 'قد قلت لك إنا نخافهم على أنفسنا• فـ'ضغاطر' والله كان أعظم عندهم وأجوز قولا مني

'• و كان جواب هرقل على الرسول عليه السلام بما يلي:'إلى أحمد رسول الله الذي بشر به عيسى، من قيصر الروم: إنه جاءني كتابك مع رسولك، وإني أشهد أنك رسول الله، نجدك عندنا في الإنجيل، بشرنا بك عيسى بن مريم• وإني دعوت الروم إلى أن يؤمنوا بك فأبوا• ولو أطاعوني لكان خيرا لهم، ولوددت أني عندك فأخدمك وأغسل قدميك'•

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير