ـ[أبو محمد]ــــــــ[04 - 07 - 07, 03:21 ص]ـ
الأخ الكريم أبا ريحانة .. وفقك الله وسددك ..
في نفسي كلام كثير وبحوث أرغب في مناقشتها معك .. لكني أرى حبل النقاش قد طال .. ولا أحب هذا لنفسي .. لكن سأعلق على أمور في نقاط سريعة ..
أولا: طلبتك يا رعاك الله أن تذكر لي سلفك أو مصدرك لقولك: (أما ما نقل عن تفرقتهم في التكفير بالكبائر بين موافقيهم ومخالفيهم، فهذا جار على الأصل العام للخوارج في الربط بين حكمهم على الراية التي تعلو ديار مخالفيهم وبين من تحتها، وهذا وصف عام لجميع فرق الخوارج على امتداد الزمان).
ولا أزال راغبا في الاستفادة.
ثانيا: أظنك تتفق معي أن العلم سلسلة متصلة ببعضها .. فهل تذكر أحدا سبقك إلى شن هذا الهجوم على كتاب التنبيه والرد .. فإني لم أطلع -مع بحثي في هذه المسألة- على من نقد هذا الكتاب ورماه بأنه غير معتمد ..
ثالثا: أما وصفه بأنه يبني أحكامه على الوقائع التاريخية .. فليس بمسلم .. فالوقائع التاريخية قد تفسر شيئا من المواقف العقدية .. ولكن أن يكون هذا معتمد الملطي فهذا يفتقر إلى دليل.
والعجيب أنك رددت على الملطي -في شأن الشبيبية- بواقعة تاريخية!
وأما "الحواديت" .. فأسألك: هل يخلو منها أكثر كتب المقالات؟ وهل تريد أمثلة لها؟
وأما الأخطاء العلمية فهي واردة .. ولو تركنا كل كتاب لأن به أخطاء -أو كوارث! كما وصفت- لتركنا كتبا كثيرة .. خذ مثلا في موضوع الخوارج: هل ترى الجهم بن صفوان خارجيا؟ وهل ينطبق عليه ضابطك؟
الشهرستاني صنفه ضمن رجالات الخوارج .. فهل نرمي بالملل والنحل لأجل ذلك؟
وأما عن الأمثلة التي أوردتها .. فمبنى ردك قائم على اعتبار التنبيه والرد مرجعا غير موثوق .. وأنا أخالفك في هذا .. ولا أحسب أحدا سبقك إلى هذا .. لذا فمعلوماته عندي مقبولة حتى يقوم دليل على ردها ..
أخي المكرم .. موضوع الخوارج نحن مضطرون فيه إلى النقل .. فليس بين أيدينا كتبهم .. فأبو الحسن والبغدادي ينقلان عمن قبلهم -لا سيما المعنزلة- .. والملطي ينقل أيضا .. فمن أين لنا أن نجزم أنه غير معتمد وغيره هو المعتمد؟
يبقى أن نرجح قولا على آخر .. وهذا شيء .. ورمي الكتاب بالكلية شيء آخر.
بالنسبة للأمثلة: لا تزال رعاك الله تذكر معلومات بلا برهان ..
قلت سابقا: إن العمرية أتباع عمرو بن عبيد المعتزلي .. والآن استظهرت أنه عمرو القنا .. مع أن الذي في الكتاب: عمر -لا عمرو- بن قتادة .. فما دليلك على التصحيف؟ هو طرح الثقة بالكتاب قطعا!
وأما عدم ذكري للأزارقة .. فليس إخفاء للحقيقة -والله شاهد- وإنما وقع في ذهني -ولا يزال هذا عندي راجحا- أنهما فرقتان لا فرقة .. ولعل المؤلف ضمهما لقرب أو اتحاد آرائهما .. وإنما أغفلت قول الأزارقة لأني أعلم أن هذا رأي غير مشهور عنهم .. وهل هو لهم أو لغيرهم .. وهل يصح عنهم أو لا .. وسندخل في نقاش طويل في ذلك ..
والذي وقع في ذهني أنه رأي آخر منقول عنهم -كما هو الشأن في النجدات- فأعرضت عن ذكرهم لأجل أني أمثل .. والتمثيل لا يشترط فيه الحصر .. فاكتفيت بمن لا رأي آخر يُنقل عنهم وهم العمرية .. ولو كنت أعلم أن ذكرهم شيء مهم عندك لذكرتهم .. فالمعذرة.
ومهما يكن من شيء .. إذا كان المؤلف جانب الصواب في الأزارقة فلا يلزم أن يجانبه في العمرية .. هذا على اعتبار أنهما فرقتان .. وهذا عندي أرجح؛ لأنه ذكر الأزارقة ونسبهم إلى شيخهم، وذكر العمرية ونسبهم إلى شيخهم .. ولو كانوا فرقة واحدة ما احتاج إلى هذا.
وعلى كل .. هو مثال .. فإن كانوا فرقة واحدة فأنا أتراجع عنه ..
والمسألة بحاجة إلى مزيد تحرير .. فهل هذا قول بعض الأزارقة؟ أو هم طائفة أخرى تشابهت في الاسم مع الأزارقة المشهورين؟ وهذا الاحتمال يلفت النظر إليه تسمية شيخهم: عبد الله وليس نافعا .. أو هو وهم من المؤلف؟
على كل هذا محل بحث.
وأما بقية الفرق .. فلا جديد عندي على ما ذكرته سابقا .. ولا أرى ما أوردته أخي الكريم كافيا في الرد .. والمسألة برمتها بيت القصيد فيها أنك ترى الملطي مصدرا غير موثوق .. وهذا ما أخالفك فيه.
بقي أن أقول: ذكرت وفقك الله الضابط في الوصف بالخروج وهو: (تكفير الراية التي تعلو الدار، ثم التكفير لعموم الدار، والاستحلال العام للدار تبعاً لذلك)
وأنا أقول: مما يستدرك على هذا الضابط -أيضا- الإباضية .. فهذا الوصف لا ينطبق عليهم .. ولدي الدليل من كتبهم وكتب غيرهم .. وعليه فيلزم أنهم ليسوا من الخوارج .. أو انخرام الضابط.
ثم إنني أريد -أيضا- أن أهمس في أذنك أخي .. فقولك: (وإنما الخارجي الذي إذا عرض له غرض في القتل لم تمنعه عصمة الإسلام من ذلك).
هل تراه وصفا منضبطا؟
وعليه فكل قاتل -قتل لمال أو كان باغيا- يكون خارجيا .. فتأمل.
وأخيرا .. ما يتعلق بتعليقك على استثناء الإباضية وغيرهم من المذكورين في كتب العلماء ..
قد بينت سابقا أن تطبيق العلماء -فيما أحسب- هو اعتبار الضابط أغلبيا ..
ولذا فكثير من العلماء ضبطوا الخوارج بأنهم المكفرون بالكبيرة -بناء على الوصف الأغلب والبارز- واستثناء الإباضية لكونهم لا يرون الخروج من الإسلام بفعل الكبيرة .. لكنهم يتفقون مع الخوارج في أمور أخرى تجعلهم من ضمنهم .. وإن كانوا أقرب الفرق إلى أهل السنة كما يقول ابن حزم ..
أقول: هذا الاستثناء الذي ذكرته بناء على أن الحكم أغلبي .. ولا ضابط لا ينخرم في هذا الموضوع!
ولست بدعا في هذا الاستثناء .. فقد ذكره غير واحد .. ومنهم الإسفراييني في التبصير في الدين حيث قال: ( ... وكلهم متفقون على أمرين لا مزيد عليهما في الكفر والبدعة.
أحدهما: أنهم يزعمون أن عليا و ...
والثاني: أنهم يزعمون أن كل من أذنب ذنبا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر ويكون في النار خالدا مخلدا، إلا النجدات منهم؛ فإنهم قالوا: إن الفاسق كافر على معنى أنه كافر نعمة ربه؛ فيكون إطلاق هذه التسمية عند هؤلاء على معنى الكفران لا على معنى الكفر.
ومما يجمعهم أيضا تجويزهم الخروج على الإمام الجائر) ص 45.
وفقك الله أخي الفاضل وشفاك وعافاك وسلمك من جميع الآفات.
¥