وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
ال عمران 49
إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ
ال عمران 59
وإذا اتضح لك الأمر، فإننا لم نخرج عن الموضوع. أي أن هذا العالم لم يخلق من العدم كما يتصور، ولكن الله خلقه من نوع آخر. وما جاء في الحديث الشريف عن عمران بن حصين:
دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعقلت ناقتي بالباب، فأتاه ناس من بني تميم، فقال: (اقبلوا البشرى يا بني تميم). قالوا: قد بشرتنا فأعطنا، مرتين، ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن، فقال: (اقبلوا البشرى يا أهل اليمن، إذ لم يقبلها بنو تميم). قالوا: قد قبلنا يا رسول الله، قالوا: جئناك نسألك عن هذا الأمر، قال: (كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السماوات والأرض). فنادى مناد: ذهبت ناقتك يا ابن الحصين، فانطلقت فإذا هي يقطع دونها السراب، فوالله لوددت أني كنت تركتها.
السائل فيه يقصد بهذا الأمر؛ العالم أي السماوات والأرض، وجواب الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولم يكن شيء غيره أي؛ من هذا العالم. لأن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال؛ وكان عرشه على الماء. أي أن العرش والماء كانا. وأيضا هذا الحديث لا ينفي أن العالم خلق من خلق ما من مخلوقات الله، وبالتالي نوع العالم ليس قديما. وإذا كان لا بد لكل نوع من نوع آخر يخلق منه؛ فإنه ليس هناك مخلوق قديم مع الله الذي يبدء الخلق ثم يعيده، وقد أشار إلى هذا ابن حزم في معرض تعليقه على تعريف الفساد، وذكر اعتقاد المسلمين في هذا الأمر:
[معنى الفساد: "خروجه من الوجوب والوجود إلى البطلان والعدم" وذلك واجب في الأعراض متوهم على الأجرام إن شاء خالقها تعالى فيما شاء منها، والفساد عندنا على الحقيقة؛ افتراق الجسم على أشياء كثيرة وذهاب أعراضه وحدوث أعراض أخر عليه، وأما الأجرام كلها فغير معدومة الأعيان أبدا بوجه من الوجوه.]
فهو ينفي العدم عن الأشياء ويذكر أنه مرتبط بالأعراض فقط ولكن الأعراض أيضا مرتبطة بالنوع الأول فلم يأت في القرآن أني أخلق لكم من الطين كهيئة الحوت مثلا فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ولكنه جاء: أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ الله.
والله أعلم
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[18 - 07 - 07, 03:42 م]ـ
إذا علم هذا ظهر لطالب العلم أن المسألة ليست بهذه البساطة التي ظنها الإخوة المشار إليهم وكأن قولهم ذاك أرادوا به الخروج من الخلاف فوقعوا فيما هو أشر مما أرادوا الهروب منه.
سبحان الله!
المسألة كانت بهذه البساطة عند الصحابة والتابعين، ولا تزال بهذه البساطة عند 99% أو أكثر من المسلمين، الذين لا يتساءلون إن كان هذا العالم مسبوقاً بعوالم أخرى، ويرون الاشتغال بهذا السؤال وأمثاله سفسطة وثرثرة ومضيعة للوقت، وهو كذلك!
انظر إلى دعوى تعطيل صفة الخلق، كم هي هزيلة! هل يجب على رب العالمين أن يخلق عالَماً جديداً في كل لحظة، وأن يتكلم ويخلق ويرزق ويحيي ويميت ويرحم ويعاقب في كل لحظة من الأزل إلى الأبد، وإلا فقد تعطَّلت الصفة لديه؟!
وليُعلم أن شيخ الإسلام ما نظر في هذا الموضوع وفي أمثاله إلا لهدم قواعد الفلسفة ودحض حجج المتفلسفة من علماء الكلام، الذين يتطاولون بعقولهم اليونانية إلى التشريع لرب العالمين، والإذن له بكذا وتحريم كذا عليه، وأنه قادر على كذا وعاجز عن كذا، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
رب العالمين يقول: الإيمان بالله، ويقولون هم: معرفة الله!
رب العالمين يقول: الإيمان بالغيب، ويقولون هم: معرفة الغيب!
وأما في عصرنا فالأمر أظهر من ذلك بحمد الله، بعد أن نبذ العالم كله الفلسفة اليونانية ومنطقها، إلا الأشاعرة والمعتزلة الذين لا يزالون يظنون أن طريقة الخلف أعلم وأحكم!
ـ[أبو عبد الرحمن السعدي]ــــــــ[18 - 07 - 07, 07:03 م]ـ
الإخوة الذين اعترضوا على الخوض في هذه المسألة .. ما أظن اعتراضهم هذا إلا كمثل من اعترض على من قال إن القرآن (منزل غير مخلوق) فقالوا لفرط نجابتهم نحن نبقى على الأصل وعلى ما كان عليه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فلا نقول مخلوق ولا نقول غير مخلوق ..
ولمثل هؤلاء كان يقول إمام السنة رحمه الله (اسكتوا نسكت)
قبل أن ينكر الواحد منا على الخائضين في مثل هذه المسائل ينبغي أن يسأل نفسه لماذا خاض العلماء من أمثال شيخ الإسلام في هذه المسائل ثم بعد ذلك ينظر هل هو أهل لهذا الإنكار أم لا .. وللأسف فقد ذكرت بعض المبررات في كلامي أعلاه .. ولكنهم قوم لا يقرأون وإذا قرأوا لا ...
وعلى كل حال نقول .. لقد عرفتم شيئا وفاتتكم أشياء .. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
¥