[من هو العربي عند السلف؟]
ـ[العيساوي منصور]ــــــــ[11 - 07 - 07, 02:28 م]ـ
إن كان معروفا من هو العربي حين البعثة وقبلها فإنه مع الفتوح الإسلامية اختلط الأمر، فقد انقسمت العربية نسبا ولسانا ودارا، وابن تيمية يذكر أن أكثر الناس في زمانه مجهولو الأصل لا يدرون أمن نسل العرب هم أو من نسل العجم سواء كانوا عرب الدار واللسان أو عجما في أحدهما، وابن خلدون يذكر أن العرب الذين هاجروا إلى المغرب مثلا قد تفرقوا على القبائل، وكانت هجرات معاكسة كهجرة قبيلة كتامة المغربية إلى المشرق مع رابع الخلفاء الفاطميين المعز واختطوا القاهرة، ولم يتبق منهم في مواطنهم إلا القليل، لذلك أفلت المغرب من قبضتهم حينها.
فإذا كانت العربية قد انقسمت نسبا ولسانا ودارا فإن الأحكام تختلف باختلاف هذا الانقسام خصوصا النسب واللسان
فإن ما ذكرناه من تحريم الصدقة على بني هاشم واستحقاق نصيب من الخمس ثبت لهم باعتبار النسب وإن صارت ألسنتهم أعجمية
وما ذكرنا من حكم اللسان العربي وأخلاق العرب يثبت لمن كان كذلك وإن كان أصله فارسيا وينتفي عمن لم يكن كذلك وإن كان أصله هاشميا
والمقصود هنا أن ما ذكرته من النهي عن التشبه بالأعاجم إنما العبرة فيه بما كان عليه صدر الإسلام من السابقين الأولين فكل ما كان إلى هداهم أقرب فهو المفضل وكل ما خالف ذلك فهو المخالف سواء كان المخالف ذلك اليوم عربي النسب أو عربي اللسان وهكذا جاء عن السلف
فروى الحافظ أبو طاهر السلفي في فضل العرب بإسناده عن أبي شهاب الحناط حدثنا جبار بن موسى عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي قال من ولد في الإسلام فهو عربي
وهذا الذي يروى عن أبي جعفر لأن من ولد في الإسلام فقد ولد في دار العرب واعتاد خطابها وهكذا كان الأمر
وروى السلفي عن المؤتمر الساجي عن أبي القاسم الخلال أنبأنا أبو محمد الحسن بن الحسين التولخي حدثنا علي بن عبد الله بن بشر حدثنا محمد بن حرب النشائي حدثنا إسحاق الأزرق عن هشام بن حسان عن الحسن عن أبي هريرة يرفعه قال من تكلم بالعربية فهو عربي ومن أدرك له اثنان في الإسلام فهو عربي هكذا فيه وأظنه ومن أدرك له أبوان
فهنا إن صح هذا الحديث فقد علقت العربية فيه بمجرد اللسان وعلقت في النسب بأن يدرك له أبوان في الدولة الإسلامية العربية
وقد يحتج بهذا القول أبو حنيفة على أن من ليس له أبوان في الإسلام أو في الحرية ليس كفؤا لمن له أبوان في ذلك وإن كان في العجمية والعتاقة
ومذهب أبي يوسف ذو الأب الواحد كذي الأبوان
ومذهب الشافعي وأحمد لا عبرة بذلك ونص عليه أحمد
لذلك فالعروبة شيء والنسب شيء آخر فليس بعربي من يتبنى ثقافة أعجمية وينسى العربية. كما أن أغلب علماء المسلمين كانوا من أصول غير عربية ينسبون إلى الفرس وإلى غيرهم وما خطوا حرفا واحدا بفارسية أو غيرها وكان لسانهم عربيا.
ومن تشبه من العرب بالعجم لحق بهم ومن تشبه من العجم بالعرب لحق بهم ولهذا كان الذين تناولوا العلم والإيمان من أبناء فارس إنما حصل ذلك بمتابعتهم للدين الحنيف بلوازمه من العربية وغيرها ومن نقص من العرب إنما نقص بتخليهم عن هذا وإما بموافقتهم للعجم فيما جاءت السنة أن يخالفوا فيه فهذا أوجه
وأيضا فإن الله لما أنزل كتابه باللسان العربي وجعل رسوله مبلغا عنه الكتاب والحكمة بلسانه العربي وجعل السابقين إلى هذا الدين متكلمين به لم يكن سبيل إلى ضبط الدين ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان وصارت معرفته من الدين وصار اعتياد التكلم به أسهل على أهل الدين في معرفة دين الله
العربية لغة الإسلام
جاء في اقتضاءالصراط لابن تيمية:
ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية وارض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية عودوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم وهكذا كانت خراسان قديما ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت عليهم وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ولا ريب أن هذا مكروه وإنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية
¥