[هل الأشاعرة أكثر الأمة؟]
ـ[الزيادي]ــــــــ[13 - 07 - 07, 03:36 ص]ـ
قال شيخنا فيصل قزار الجاسم في كتابه: الأشاعرة في ميزان أهل السنة.
قال:
الفصل الخامس
إبطال دعوى الأشاعرة أنهم أكثر الأمة
لقد تكررت دعوى الأشاعرة بأنهم أكثر الأمة، وأصبح يتناقلها الكثير منهم في كتبهم ومحاضراتهم، يغرون بها الجهال ممن لا علم لهم بحقيقة الأمر.
قال الأشعريان (ص248): (ومذهب الأشاعرة ومن وافقهم من أهل السنة الذي عليه سواد الأمة، وأكابر أهل الفضل فيها) اهـ.
وقالا (ص31): (هذا المذهب الذي يدين به تسعة أعشار أمة الإسلام، وسوادها الأعظم وعلماؤها ودهماؤها) اهـ.
ولا ريب أنها دعوى مجردة عن الدليل، ويكذبها الواقع التاريخي، ويكفي في إبطالها ما سبق تفصيله في بيان مذهب السلف وطريقهم وبيان مخالفة الأشعرية له، وخروجهم عنه.
وجميع من نقلنا نصوصهم في هذا الكتاب بدءاً من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة رضي الله عنهم، ومن لم ننقل عنهم من السلف، جميعهم مخالفون للأشاعرة ومبطلون لأقوالهم ومذهبهم. فكيف يُدّعى أن الأشاعرة هم أكثر الأمة، والقرون المفضلة الأولى مخالفون لهم؟!!
ولقد كان المسلمون على جادة السنة والطريق حتى ظهرت الفرق الكلامية، وحصلت الفتن وابتُلي المسلمون، فلما جاء أواخر القرن الرابع وأوائل الخامس وقويت شوكة الأشاعرة وغيرهم من أهل الكلام، انتفض السلفيون لدحر هذه الفتنة، وكشف زيفها وأباطيلها، حتى كتب الخليفة العباسي القادر بالله تلك العقيدة المعروفة بالقادرية والتي سبق أن ذكرنا طرفاً منها، وأمر أن يُرسل بها إلى أنحاء الدولة العباسية وأطراف الأمة الإسلامية.
قال ابن كثير في أحداث سنة 433هـ: (وفيها قرئ الاعتقاد القادري الذي جمعه الخليفة القادر، وأخذت خطوط العلماء والزهاد عليه بأنه اعتقاد المسلمين، ومن خالفه فسق وكفر، وكان أول من كتب عليه الشيخ أبو الحسن علي بن عمر القزويني ثم كتب بعده العلماء، وقد سرده الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي بتمامه في منتظمه، وفيه جملة جيدة من إعتقاد السلف) اهـ.
وكان ممن وقع عليه القاضي أبو يعلى كما سبق نقل كلام ابنه في الطبقات.
وممن عمل بهذا الأمر من نشر العقيدة ودعوة الناس إليها أعظم ملوك الدولة الغزنوية وفاتح الهند العظيم محمود بن سبكتكين، وكان يحكم أكثر المشرق الإسلامي إلى الهند، فقد أمر بالسنة واتباعها، وأمر بلعن أهل البدع بأصنافهم على المنابر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (اعتمد محمود بن سبكتكين نحو هذا – من فعل القادر من نشر السنة وقمع البدعة – في مملكته، وزاد عليه بأن أمر بلعنة أهل البدع على المنابر، فلعنت الجهمية والرافضة والحلولية والمعتزلة والقدرية، ولعنت أيضاً الأشعرية .. ) اهـ.
وقال أيضاً: (ولهذا اهتم كثير من الملوك والعلماء بأمر الإسلام وجهاد أعدائه حتى صاروا يلعنون الرافضة والجهمية وغيرهم على المنابر، حتى لعنوا كل طائفة رأوا فيها بدعة، فلعنوا الكلابية والأشعرية كما كان في مملكة الأمير محمود بن سبكتكين .. ) اهـ.
وقال الذهبي: (وامتثل ابن سبكتكين أمر القادر فبث السنة بممالكه، وتهدد بقتل الرافضة والإسماعيلية والقرامطة والمشبهة والجهمية والمعتزلة ولعنوا على المنابر) اهـ.
فانظر إلى هذه الانتفاضة في الإنكار على أهل البدع ومنهم الأشاعرة، ثم انظر إلى ما قاله الأشعريان (ص252) عاكسَيْن للحال: (بل نزيد ونقول إنه لا يبعد أن يكون –أي ابن جرير- انتسب إليه – أي الأشعري - فيما لم يصلنا من كتبه، فقد ذكرت كتب التاريخ أنه انتهض لنصرة طريقة الإمام أبي الحسن والإمام أبي منصور جميع أهل السنة في العالم الإسلامي) اهـ.
وقد ذكر المقريزي في خططه أسباب انتشار العقيدة الأشعرية في القرون المتأخرة فقال: (فانتشر مذهب أبي الحسن الأشعريّ في العراق من نحو سنة ثمانين وثلاثمائة وانتقل منه إلى الشام، فلما ملك السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ديار مصر، كان هو وقاضيه صدر الدين عبد الملك بن عيسى بن درباس المارانيّ على هذا المذهب، قد نشآ عليه منذ كانا في خدمة السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بدمشق، وحفظ صلاح الدين في صباه عقيدة ألفها له قطب الدين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري، وصار يحفظها صغار أولاده، فلذلك عقدوا الخناصر وشدّوا البنان على
¥