تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجواب: إني إن قلت إن البرمجة ليست منهج حياة فهي مجرد علم كسائر العلوم وإن قلت منهج حياة فهي ليست علم كسائر العلوم وإن قلت إن البرمجة ليست منهج حياة ولا علم كسائر العلوم فما قيمتها؟ وإن قلت أنها علم كسائر العلوم ومنهج حياة فهذه إشكالية أعظم لنا كمسلمين. وسواء كانت العلاقة بين الإثنين علاقة جزء من كل ( hyponymy) أو سبب ونتيجة أو وسيلة وغاية فإن العلاقة العكسية لا زالت موجودة ولا يصح هنا ان نقول بانفصال العلاقة بين منهج الحياة كمستوى منطقي علوي والوسائل المؤدية والمغذية لهذا المنهج (ومنها وسيلة العلم) كمستوى منطقى أدنى من السابق والمتخصصون في البرمجة يفهمون ما أقصده بمصطلح (المستويات المنطقية) ولا يمنع ان يوجد من غيرهم من له دراية بمعنى هذا المصطلح أيضاَ.

ولذلك يأتي بعض مدربي البرمجة ويقول:"إن زينة وميزة البرمجة في هذه الإشكالية ذاتها .. نعم إن جمال البرمجة في هذه "الخلطة" المتنوعة التي لا تخضع لتعريف جامع مانع" أما وجهة نظري الشخصية فهذه من أكبر سلبيات البرمجة لأنها تجعل البرمجة ذات طبيعة زئبقية، قابلة لتفسيرات متعددة الأمر الذي يعطي المدافعين عنها مجالاً واسعاً للتفلت من مقتضيات السؤال والتي من أهمها تحديد ما هية البرمجة. ولأن ما هية البرمجة كمفهوم مستقل عن الأذهان غير محددة بصفات ومعايير - لا أقول جامعة مانعة - وإنما على الأقل كلية تجد اختلافاً كبيرا بين المدربين في تعريفها وبيان طبيعتها. وهذه هي الإشكالية لأن هذا الخلاف المستمر والمتغاير حول تحديد معناها يجعل البرمجة من باب "النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون" وهذا هو الحاصل بالفعل في الساحة الإجتماعية لأننا ترى تفرقاً من جهة واختلافا من جهة وتناحرا من جهة وفي بعض الأحيان استماتة في سبيل الدفاع عنها.

والسؤال الذي ما فتئت أسأله هو:"هل الناس عامة والمسلمين خاصة "بحاجة" إلى البرمجة اللغوية العصبية حتى تستحق كل هذا الخلاف؟

الجواب: نعم من جهة ولا من جهة أخرى. وسبب عدم اقتناعي بجواب واحد هو طبيعة البرمجة كما ذكرت لكم. لا تستطيع أن تجزم بجواب واحد لأن تعريف البرمجة ليس خاضعاً للتصنيف الواضح البين ( dichotomous). ولكن قد يأتي بعض من يدافع عن البرمجة فيقول:"العبرة ليست بالتعريف النظري ولكن في الفائدة والنفع الذي تقدمه على أرض الواقع" ولكن هذه عبارة يوجد لها استثناءات كثيرة من أرض الواقع كذلك ويصعب على أي مدافع عنها أن يقول بأنها لم تفد أحدا أو تنفعه لأن المشكلة ليست في فائدتها من عدم فائدتها ولكن في "مدى" الفائدة والنفع الحاصل من قولنا "الفائدة" و "النفع". إذاً قولنا بفائدة البرمجة إطلاق لا يصح، بل من يستطيع أن يقول إنه لا يوجد لها مضار؟ لا أقول من يستطيع ان يقول أن فائدتها قليلة ولكن من يستطيع أن يقول أنها خالية من المضار بل، لمزيد من التطرف الإفتراضي، من يجرؤ على القول بأنها تدفع المضار وتجلب المنافع؟!!

إن من يجرؤ على إدعاء أقل الطرحين تطرفاً ليقع في المشكلة التي تحذر منها البرمجة اللغوية العصبية نفسها من "تعميم" و "حذف" و "تشويه" في العبارات والافتراضات اللغوية. ولذلك انا أعتب كثيرا جدا على بعض إخواني الذين يدربون البرمجة ويأنفون عن بيان الحقيقة للناس تجردأ لله سبحانه أولاً ثم تجردأ لمبدأ العدل والمصداقية ثانياً. اعتب على بعض إخواني مدربي البرمجة الذين يصورون البرمجة للمساكين من الناس في المجتمع وكأنها علم يحتاجه الناس "لكي يعيشوا حياة ناجحة سعيدة موفقة".

ويزداد أسفي إذا كان الدافع الذي يدفع ببعض إخواني في التدريب هو مخافة اندثار سوق البرمجة المادي الذي يدر أرباحاً لا يتخيلها الشخص العادي. ولو قُدمت البرمجة بما لها وما عليها واعترف بعض المتعصبين للبرمجة "ولو ببعض" مثالبها لقل الخلاف والشجار بين الناس ولزدات ثقة المجتمع في تقبلها ولأقبل عليها المهتمون بها لتعلمها. ولذلك يظن بعض مدربي البرمجة اللغوية العصبية أن أفضل وسيلة لتسويق البرمجة وإشهار أمرها هو بتبرءتها من العيوب وإقناع الناس بحاجتهم لها كحاجتهم للماء والهواء، ولكن مع الأسف هذا ظلم للناس وإخفاء لجانب من الحقيقة وإبراز لجانب، والله أمرنا بالعدل حتى ولو كان ذلك ضد مصالحنا الآنية وأهواءنا الشخصية. لو صدقنا مع الناس لشعر الناس

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير