تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إعادة صياغة لقول مالك رحمه الله:"كل يؤخذ من قوله ويرد إلا هذا" يقصد به الرسول صلى الله عليه وسلم. ولكن، كما ذكرت لكم، المشكلة تكمن في استعمال هذه الفرضية بإفراطٍ فج وغلوٍ قبيح يتمرد به الشخص على إخوانه من حوله حتى يقطع أواصر "الألفة" بينه وبين الآخرين وهو أمر لا تحبذه البرمجة نفسها إذا أن من أهم مبادئها السعي لتحقيق "الألفة" مع الآخرين.

ومن هذا المنطلق يتبين لنا أن السؤال:"هل الناس عامة والمسلمون خاصة محتاجون لتعلم البرمجة؟ " سؤال غير منطقي من أصله وذلك من حيث مفردات هذا السؤال كقولنا:"محتاجون" ومن حيث الافتراض بأنه لا يوجد إلا جواب واحد وهذا خطأ لأن السؤال وكذلك الجواب عليه فيه تفصيل كما أوضحت أعلاه.

هذه مسالة. أما المسألة الثانية فإن لها تعلق بالسؤال الذي افتتحت به مقالي وهو:" البرمجة اللغوية العصبية: منهج حياة أم علم كسائر العلوم؟ "

وكما ذكرت في المقدمة: إن قلت: "البرمجة اللغوية العصبية منهج حياة" فهذا صحيح من وجه وغير صحيح من وجه آخر. وإن قلت:"لا، كلا ... إن البرمجة ما هي إلا علم كسائر العلوم لكان ذلك صحيح من وجه وغير صحيح من وجه آخر". ولكن المعضلة الحقيقية هي في إقتضاء لوازم النفي في كل من العبارتين لإيجاب العبارة الأخرى أو العكس: اقتضاء إيجاب أحدهما لنفي العبارة الأخرى. كيف يكون ذلك؟

وكان االجواب الذي طرحته: أني إن قلت إن البرمجة ليست منهج حياة فهي مجرد علم كسائر العلوم وإن قلت منهج حياة فهي ليست فقط علم كسائر العلوم وإن قلت إن البرمجة ليست منهج حياة ولا علم كسائر العلوم فما قيمتها؟ وإن قلت أنها علم كسائر العلوم ومنهج حياة فهذه إشكالية أعظم لنا كمسلمين. وسواء كانت العلاقة بين الإثنين علاقة جزء من كل ( hyponymy) أو سبب ونتيجة ( cause-effect) أو وسيلة وغاية ( mean and purpose) فإن العلاقة العكسية لا زالت موجودة ولا يصح هنا ان نقول بانفصال العلاقة بين منهج الحياة كمستوى منطقي علوي والوسائل المؤدية والمغذية لهذا المنهج (ومنها العلم) كمستوى منطقى أدنى من السابق والمتخصصون في البرمجة يفهمون ما أقصده بمصطلح (المستويات المنطقية) ولا يمنع ان يوجد من غيرهم من له دراية بمعنى هذا المصطلح أيضاَ.

ولا زلت اتذكر القصة التي ذكرها لنا مدربي في دورات البرمجة (وهو من أهل الكفاءة والأمانة إن شاء الله وهومعروف بذلك ومشهورولا أزكيه على الله) والتي ذكر فيها أنه أتاه مجموعة من المتدربين الجدد وسألوه السؤال أعلاه:"هل البرمجة منهج حياة أم علم كسائر العلوم؟ " وبعد ذلك عبر لنا المدرب عن اندهاشه من هذا السؤال وأنه ما كان ينبغي أن يطرح لأن الجواب معروف حيث أن البرمجة لا يمكن ان تكون منهج حياة (وهو يتحدث بذلك باعتبار أنه مسلم يعبد الله). أما أنا فإني أفرق بين القول النظري بأن البرمجة لا يمكن ان تكون منهج حياة وقول ان البرمجة يمكن أن تصبح من حيث الواقع عند بعض الناس منهج حياة بالفعل. ولذلك فإني لا اندهش من تجرؤ السائلين بطرحهم هذا السؤال وسوف أبين لكم ذلك وكيف انهم لا يلامون على خوفهم واسترابتهم من البرمجة إلى هذا الحد.

إن الإشكالية التي قلما يتنبه لها بعض من مدربي البرمجة هي أن البرمجة يمكن ان تصبح عند بعض المستفيدين منهج حياة فيستبدل الذي هو أدنى (البرمجة) بالذي هو خير (الوسائل الشرعية) فتحل البرمجة محل الديانة من حيث لا يشعر المتدرب او المستفيد وغيرهم. والسبب في ذلك حقيقة خفية قد لا يسهل إدراكها من قبل بعض الناس وساهم في تعتيمها وإخفاؤها بعض مدربي البرمجة سامحهم الله في سياق دفاعهم المتحمس عن البرمجة وهي أن البرمجة اللغوية العصبية تتعاطى وتعالج وتباشر نفس المستوى المنطقي في النفس البشرية الذي تعالجه وتتعاطاه وتباشره الشريعة الإسلامية (المتخصصون في البرمجة يدركون معنى المستويات المنطقية) فالبرمجة تتعامل مع قضايا القيم والمعتقدات والسلوك، مع المفاهيم العميقة والتصور للحياة و طبيعة النفس الإنسانية وهي نفس القضايا التي تتعامل معها الشريعة الإسلامية وتخاطبها وتعالجها. لهذا السبب شكك كثيرون في البرمجة وارتابوا منها وأعتقد أن لديهم كامل العذر في ذلك واعتب كثيراً على بعض مدربي البرمجة الذين يقللون من شأن ردود الأفعال هذه ويشخصون المشكلة بأنها ناتجة عن الخوف من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير