تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكان أبو المعالي كثير المطالعة لكتب أبي هاشم، فصار هو وغيره يقودون [لعلها يطردون] الأصول التي وافق قدماؤهم فيها المعتزلة فرأوا أن من لوازمها نفي أن يكون الله على العرش فتظاهروا بإنكار ذلك موافقة للمعتزلة ولم يكن الخلاف في ذلك مع المعتزلة من المسائل المشهورة لما قدمناه، وأما مسألة الرؤية والقرآن فهي من شعائر المذهبين، فجعلوا ينصبون الخلاف مع المعتزلة في مسألة الرؤية ويسلمون لهم نفي علو الله على / العرش وهذا عكس الواجب.

ولهذا صارت المعتزلة تسخر منهم حتى يقول قائلهم: من سلم أن الله ليس في جهة وادعى مع ذلك أنه يرى فقد أضحك الناس على عقله

576

اعترف هنا أنه يكون أشد حقارة من الجوهر الفرد وأن يكون معدوما إذا كان ذا حيز ومقدار وقلنا إنه لا يمكن أن يشار إليه ولا يمكن أن يحس، وقد ذكر هنا أنه لا يمكن أن يشار إليه ولا يمكن أن يحس به فلزم أن يكون معدوما أحقر من الجوهر الفرد ولا ريب أن هذا حقيقة قولهم وقد اعترف هو بمقدمات ذلك لكن مفرقة لم يجمعها في موضع واحد، إذ لو جمعها لم يخف عليه وهذا شأن المبطل!

595

فإن أهل الإثبات متنازعون في إثبات لفظ (الجهة) وفي ذلك نزاع بين أصحاب الإمام أحمد وغيرهم، كما أنهم متنازعون في اسم (الحد) أيضا، وفي ذلك نزاع بين أصحاب الإمام أحمد وغيرهم

597

ومن لم يكن لسانه وراء قلبه كان كلامه كثير التقلب والتناقض

625

وهؤلاء الجهمية دائما يشركون بالله ويعدلون به ويضربون له الأمثال بأحقر المخلوقات بل بالمعدومات كما قدمنا التنبيه عليه غير مرة، فلما رأوا أن المستوي على الفلك أو الدابة أو السرير يستغني عنه مكانه قالوا يجب أن يكون الله أيضا يستغني عنه مكانه تشبيها له بهذا المخلوق العاجز الضعيف

628

وإنما الرجل [الرازي] غلط أو خالط في المقدمتين فإنه قد سمع وعلم أن الجسم لا يكون إلا متحيزا فلا بد لكل جسم من حيز، ثم سمى حيزه جهة، وقد قرر قبل هذا أن الجهة أمر وجودي، فركب أن كل جسم يفتقر إلى حيز وجودي منفصل عنه، وهذا الغلط نشأ من جهة ما في لفظ الحيز والجهة من الإجمال والاشتراك، فيأخذ أحدهما بمعنى ويسميه بالآخر، ثم يأخذ من ذلك الآخر المعنى الآخر، فيكون بمنزلة من قال: المشتري قد قارن زحل، وهذا هو المشتري الذي اشترى العبد، وقد قارن البائع، فيكون البائع هو زحل، أو يقول: هذه / الثريا، والثريا قد نكحها سهيل وقارنها، فتكون هذه الثريا قد قارنها سهيل ونحو ذلك، ومن المعلوم أن الجهة التي نصر أنها وجودية وهي مستغنية عن الحاصل فيها ليست هي الحيز الذي يجب لكل جسم.

638

وهؤلاء عمدوا إلى هذا اللفظ فاستعملوه في غير المعنى المعروف في اللغة، وسموا لزوم صفاته له افتقارا إلى الغير، فلما عبروا عن المعاني الصحيحة، بل المعاني التي يعلم بضرورة العقل ثبوتها في نفس الأمر، بل لا يستريب في ثبوتها أحد من العقلاء ما دام عاقلا، عبروا عنها بالعبارات المشتركة المجملة التي قد تستعمل في معان فاسدة يجب تنزيه الباري سبحانه وتعالى عنها كان هذا الاشتراك مما أشركوا فيه بين الله وبين خلقه، وهو من نوع شركهم وعدلهم بالله، حيث أشركوا بين المعاني الواجبة لله والممتنعة عليه في لفظ واحد ثم نفوا به / ما يجب لله، وكانوا مشركين معطلين في اللفظ كما كانوا مشركين معطلين في المعاني كما تقدم التنبيه على ذلك غير مرة.

675

المثبتة للصور أعظم تنزيها لله عن مماثلة الخلق من نفاتها؛ لأن الأمور السلبية لا ترفع المماثلة، بل الأعدام متماثلة، وإنما يرتفع التماثل بالأمور الوجودية، فكل من كان أعظم إثباتا لما توجبه أسماء الله وصفاته كان رفعه المماثلة عن الله أعظم، وظهر أن هؤلاء الجهمية الذين يزعمون أنهم يقصدون تنزيهه عن المشابهة هم الذين جعلوا له أمثالا وأندادا فيما أثبتوه وفيما نفوه كما تقدم بيان ذلك

683

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير