فإذا كان المنازعون لك القائلون بأنه على العرش يلزمهم كلهم القول بأنه جسم فكيف تحتج عليهم بأن هذا يستلزم أن لا يقطع بحدوث كل الأجسام، وهذا عندك حقيقة المذهب، فهل تحتج على إبطال المذهب بنفس حكاية المذهب مع ظهور القول بالنزاع فيه؟!
96
وهذا أمر يشهد له الحس، فإن أجزاء الماء وإن تفرقت وتصاغرت ليست في الحقيقة مثل أجزاء التراب، ولا أجزاء الذهب وإن تصاغرت مثل أجزاء الفضة، وإن كانت هذه الأجزاء / الصغار ليست هي الجواهر المنفردة بل تلك أصغر منها فإما أن يستدل بما شهد في المحسوسات على ما لم يعلم منها وبقياس غائبها عن الإدراك على شاهدها فهذا من أوضح القياس وأثبته، وهو قياس الأجزاء المتساوية في الحقيقة بعضها على بعض في حكم تلك الحقيقة، فإن تفاوتها بالصغر والكبر لا يوجب اختلاف حقيقتها وصفتها، وإما أن لا يقال [كذا] إن ذلك الجزء الذي لا ينقسم لا يعلم حكمه.
[قال المحقق: هكذا في (ل) و (ط)، ولعلها: فلا يقال]
[قلت: لعل الصواب: وإما أن يقال]
100
ومن طلب الموافقة على ثبوت الشيء بدون لازمه ليحتج بذلك على نفي اللازم لم يكن علينا أن نوافقه، بل لم يكن لنا أن نوافقه؛ فإن نفي اللازم يقتضي نفي الملزوم، فإذا وافقناه على ثبوت الملزوم كنا في الحقيقة موافقين له على نفي الملزوم الذي قد وافقناه في الظاهر على ثبوته، وإذا كانت الموافقة على ثبوت الشيء تقتضي نفيه لم تجز الموافقة عليه.
111
فالنافي لا ينفي شيئا قط إلا ما له نظير فيما أدركه؛ لأن نفس المنفي ما علمه أصلا؛ لأن النفي المحض لا يعلم بنفسه فإن النفس لا تباشر المعدوم حتى تشعر به وإنما تباشر الموجود وتقيس له نظيرا فينفي ذلك النظير عما هو منتف عنه مثل نفيها لجبل ياقوت وبحر زئبق ونحو ذلك بعد أن علمت البحر والزئبق والجبل والياقوت، ثم قدرت معلوما مؤلفا من شيئين نظيرهما / موجود ثم نفته
126
إذ العلوم الكلية الذهنية مسبوقة بالعلوم المعينة الوجودية، فلو لم يكن في الأجسام ما هو واحد امتنع حكم الذهن بأن الواحد نصف الاثنين، وهذا من أوائل العلوم البديهية التي يضرب بها المثل في النظر والمناظرة
127
وإذا كانت هذه الحجة تستلزم هذا الكفر فهي تستلزم أيضا / نقيض المطلوب؛ لأن المقصود بنفي وحدة الجسم إثبات تركيبه من الأجزاء المفردة التي كل منها واحدا [كذا] فإذا نفيت وحدة الجوهر الفرد استلزمت إبطاله، وإذا بطل الجوهر الفرد امتنع كون الجسم مركبا من الجواهر المنفردة فيلزم أن يكون واحدا فصارت هذه الحجة المذكورة لنفي وحدة الجسم مستلزمة لوحدته ونافية لوحدة الجوهر الفرد أيضا وكل هذا تناقض، واعجب من هذا!
134
ثم إذا كانوا في الأجسام المشهودة قد اضطربوا أو تحيروا في تركيبها وانقسامها وعدوا ذلك من محارات العقول كيف يصح منهم الحكم على رب العالمين بمثل هذه الأمور نفيا وإثباتا، وهذا بين ولا حول ولا قوة إلا بالله
157
أما إدخال الله وغيره من المخلوقات تحت قضية كلية تتضمن قياس / شمول، وكل قياس شمول متضمن لقياس تمثيل، فإن هذا / لا يجوز، لا لما يثبت من الصفات ولا لما ينفى.
167
هب أنه يمكن فرض [الصواب فرضه] متيامنا عن العالم أو متياسرا
168
ومنازعة الإنسان فيما لا يعتقده تضييع زمان ونوع من الكذب والبهتان.
171
ولا ريب أنهم إنما عدلوا به في هذه المعاني لينفوها عنه ظانين أن هذا تنزيه لله وتقديس، لم يقصدوا أن يثبتوا له مثلا، ولكن قدر المثل لينفوه لكن لزمهم التمثيل من وجهين:
أحدهما: أنهم سووا بين الله وبين غيره في هذه المقاييس الشمولية المنطقية وهي الأمثال التي ضربوها له فجعلوه فردا من أفراد تلك الأمور العامة وحكموا عليه بمثل ما حكموا به على سائر الأفراد .....
الوجه الثاني: أن هذه المعاني التي ينفونها هي ثابتة في نفس الأمر معلومة بالكتاب والسنة وبالفطرة والعقل وبالقياس أيضا، فإذا مثلوه فيها بالمخلوقات فقد صرحوا بجعل الأنداد / له والأمثال والأسماء ثم إنهم عطلوا فجحدوا الحقائق التي هي ثابتة للرب وعطلوا ما في الكتاب والسنة والإجماع من بيان ذلك والدلالة عليه وعطلوا ما في القلوب من المعرفة الفطرية والقياسية فصاروا معطلين للحقيقة الخارجية والعلوم الثابتة بالنبوات المعروفة بالقلوب، فعطلوا الشرع والعقل جميعا مع دعواهم العقليات كما عطلوا التوحيد مع دعواهم أنهم هم
¥