ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[20 - 02 - 07, 05:53 م]ـ
قال الشيخ رحمه الله عند قول الحق تعالى {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}
فإن قيل: (ربما) لا تدخل إلا على الماضي فما وجه دخولها على المضارع في هذا الموضع؟؟
فالجواب ان الله تعالى لما وعد بوقوع ذلك صار ذلك الوعد للجزم بتحقيق وقوعه كالواقع بالفعل , ونظيره قوله تعالى {أتى امر الله} الآية , ونحوها من الآيات , فعبر بالماضي تنزيلاً لتحقيق الوقوع منزلة الوقوع بالفعل ..
ويقول رحمه الله تعالى عند آية {وقالوا يأيها الذي نزل عليه الذكر ... } الاية.
قد يقال في هذه الآية الكريمة: كيف يقرون بأنه أنزل إليه الذكرُ وينسبونه للجنون مع ذلك؟؟
والجواب: أن قولهم (يأيها الذي نزل عليه الذكرُ) يعنون في زعمه تهكماً منهم به, ويوضح هذا المعنى ورود مثله من الكفار متهكمين بالرسل عليهم صلوات الله وسلامه في مواضع أخر, كقوله تعالى عن فرعون مع موسى {إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون} وقوله عن قوم شعيب {إنك لأنت الحليم الرشيد (
ويقول رحمه الله تعالى عند آية {وحفظناها من كل شيطان رجيم} بعد كلام طويل على ما يتشدق به الأفاكون الذين يزعمون أنهم سيصلون للسماء وما فوقها ويبنون على القمر, وبعد تفنيده لتلك المزاعم بالتفصيل ..
قال: فإن قيل: يجوز بحسب وضع اللغة العربية التي نزل بها القرآن على قراءة ضم الباء أن يكون المعنى: لتركبن أيها الناس طبقا بعد طبق, أي سماءاً بعد سماء حتى تصعدوا فوق السماء السابعة, كما تقدم نظيره في قراءة فتح الباء خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم, وإذا كان هذا جائزا في لغة القرآن فما المانع من حمل المعنى عليه؟؟
فالجواب من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن ظاهر القرآن يدل على ان المراد بالطبق الحالُ المتَنَقَّلُ إليها من موت ونحوه وهو هول القيامة بدليل قوله بعده مرتباً له عليه بالفاء (فما لهم لا يؤمنون* وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون) فهو قرينة ظاهرة على أن المراد إذا كانوا يتنقلون من حال إلى حال ومن هول إلى هول فما المانع لهم من أن يؤمنوا ويستعدوا لتلك الشدائد ويؤيده أن العرب تسمي الدواهي بنات طبق كما هو معروف في لغتهم.
الوجه الثاني: أن الصحابة رضي الله عنهم هم المخاطبون الأولون بهذا الخطاب وهم أولى الناس بالدخول فيه بحسب الوضع العربي ولم يركب أحد منهم سماءا بعد سماء بإجماع المسلمين , فدل ذلك على أن ذلك ليس معنى الاية, ولو كان هو معناها لما خرج منه المخاطَبون الأولون بلا قرينة على ذلك.
الوجه الثالث: هو ما قدمنا من الايات المصرحة بحفظ السماء وحراستها من كل شيطان رجيم كائنا من كان فبهذا يتضح أن الآية الكريمة ليس فيها دليل على صعود اصحاب الأقمار الصناعية فوق السبع الطباق, والواقع المستقبل سيكشف حقيقة تلك الأكاذيب والمزاعم الباطلة ..
قال الشيخ رحمنا الله وإياه عند آية {وحفظناها من كل شيطان رجيم}
فإن قيل: هذه الآيات التي استدللتم بها على حفظ السماء من الشياطين واردة في حفظها من استراق السمع , وذلك إنما يكون من شياطين الجن , فدل ذلك على اختصاص الآيات المذكوة بشياطين الجن؟؟
فالجواب: أن الآيات المذكورة تشمل بدلالتها اللغوية شياطين الإنس من الكفار , قال في لسان العرب: (والشيطان معروف , وكل عات متمرد من الإنس والجن والدواب شيطان).
وقال في القاموس: (والشيطان معروف , وكل عات متمرد من إنس أو جن أو دابة) اهـ.
ولا شك أن من أشد الكفار تمرداً وعتواً الذين يحاولون بلوغ السماء , فدخولهم في اسم الشيطان لغة لاشك فيه.
وإذا كان لفظ الشيطان يعم كل متمرد عاتٍ فقوله تعالى {وحفظناها من كل شيطان رجيم} صريح في حفظ السماء من كل متمرد عاتٍ كائنا من كان , حمل نصوص الوحي على مدلولاتها اللغوية واجبٌ إلا لدليل يدل على تخصيصها أو صرفها عن ظاهرها المتبادر منها كما هو مقرر في الأصول , وحفظ السماء من الشياطين معناه: حراستها منهم.
قال الجوهري في صحاحه: (حفظت الشيء حفظاً اي: حرسته) اهـ.
وقال صاحب لسان العرب: (وحفظت الشيء حفظاً اي حرسته) اهـ. وهذا معروف في كلام العرب فيكون مدلول هذه الاية بدلالة المطابقة {وحفظناها من كل شيطان رجيم} أي: وحرسناها, أي السماء من كل عات متمرد.
¥