تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذا الحديث نص صريحٌ في أن تشبه الرجال بالنساء حرام, لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يلعن أحدا إلا على ارتكاب حرام شديد الحرمة.

ولا شك أن الرجل إذا لبس اللؤلؤ والمرجان فقد تشبه بالنساء.

فإن قيل: يجب تقديم الآية على الحديث من وجهين:

الأول: أن الآية نص متواتر, والحديث المذكور خبر آحاد, والمتواتر مقدم على الآحاد.

الثاني: أن الحديث عام في كل أنواع التشبه بالنساء, والآية خاصة في إباحة الحلية المستخرجة من البحر, والخاص مقدم على العام.

فالجواب: أنَّا لم نرَ من تعرض لهذا.

والذي يظهر لنا-والله تعالى أعلم-أن الآية الكريمة وإن كانت أقوى سندا وأخص في محل النزاع, فإن الحديث أقوى دلالةً على محل النزاع منها, وقوةُ الدلالة في نص صالح للاحتجاج على محل النزاع أرجحُ من قوة السند لأن قوله تعالى {وتستخرجوا منه حلية تلبسونها} يحتمل معناه احتمالا قوياً: أن وجه الامتنان به أن نسائهم يتجملن لهم به, فيكون تمتعهم وتلذذهم بذلك الجمال والزينة الناشئ عن تلك الحلية من نعم الله عليهم, وإسناد اللباس إليهم لنفعهم به, وتلذذهم بلبس أزواجهم له.

بخلاف الحديث فهو نص صريح غير محتمل في لعن من تشبه بالنساء, ولا شك أن المتحلي باللؤلؤ مثلاً متشبه بهنَّ, فالحديث يتناوله بلا شك.

قال الشيخ رحمنا الله وإياه في نفس الاية السابقة عند مبحث لبس الفضة للرجال وبعد ذكره لحديث النبي صلى الله عليه وسلم القائل فيه (من أحب أن يُحلِّق حبيبه حلقة من نار فليحلقه حلقة من ذهب, ومن احب أن يطوق حبيبه طوقا من نار فليطوقه طوقا من ذهب, ومن أحب أن يسور حبيبه سوارا من نار فليسوره سوارا من ذهب, ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها) ..

قال:

قال مقيده عفا الله عنه: الذي يظهر لي -والله أعلم- أن هذا الحديث لا دليل فيه على إباحة لبس الفضة للرجال, ومن استدل بهذا الحديث على جواز لبس الفضة للرجال فقد غلط.

ثم استدل رحمه الله على ما ذهب إليه بعدة أمور, وقال بعد ذلك:

فإن قيل: قوله صلى الله عليه وسلم (يحلق حبيبه) (يطوق حبيبه) (يسور حبيبه) يدل على أن المراد ذكَرٌ, لأنه لو أراد الأنثى لقال (حبيبته) بتاء الفرق بين الذكر والأنثى ..

فالجواب: أن إطلاق الحبيب على الأنثى باعتبار إرادة الشخصالحبيب مستفيض في كلام العرب لا إشكال فيه, ومنه قول حسان بن ثابت رضي الله عنه:

منع النومَ بالعشاءالهمومُ ... وخيالٌ إذا تغار النجومُ

من حبيب أصاب قلبك منه ... سقم فهو داخل مكتومُ

ومراده بالحبيب أنثى بدليل قوله بعده:

لم تفتها شمس النهار بشيء ... غير أن الشباب ليس يدومُ

وقول كثير عزة:

لئن كان برد الماء هيمان صادياً ... إلي حبيبا إنها لحبيبُ

ومثل هذا كثير في كلام العرب فلا نطيل الكلام به ..

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[20 - 02 - 07, 05:55 م]ـ

قال الشيخ رحمه الله تعالى في المسألة ذاتها: فقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح (الذهب والفضة والحرير والديباج هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) يدخل في عمومه تحريم لبس الفضة؛ لأن الثلاث المذكورات معها يحرم لبسها بلا خلاف, وما شمله عموم نصظاهر من الكتاب والسنة لايجوز تخصيصه إلا بنص صالح للتخصيص؛ كما تقرر في علم الأصول ..

فإن قيل: الحديث وارد في الشرب في إناء الفضة لا في لبس الفضة؟؟

فالجواب: أن العبرة بعموم الألفاظ, لا بخصوص الأسباب, لا سيما أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في الحديث مالا يحتمل غير اللبس كالحرير والديباج ..

قال الشيخ رحمه الله تعالى استكمالاً للمسألة السابقة:

فإن قيل: جاء في بعض الروايات الصحيحة ما يفسر هذا ويبين أن المراد بالفضة الشراب في آنيتها لا لبسها, قال البخاريُّ في صحيحه: باب الشرب في آنية الذهب, (وساق البخاري السند عن ابن أبي ليلى) قال: كان حذيفة بالمدائن فاستسقى فأتاه دهقان بقدح فضة فرماه به فقال: إني لم أرمه إلا أني نهيته فلم ينته, وأنالنبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن الحرير والديباج والشرب في آنية الذهب والفضة, وقال: هنّ لهم في الدنيا ولكم في الآخرة,

(باب آنية الفضة) وساق البخاري السند عن ابن أبي ليلى قال: خرجنا مع حذيفة وذكرالنبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تلبسوا الحرير والديباج, فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة. انتهى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير