تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولقد أخبرني جماعة من أهل السنة بمدينة السلام أنه ورد بها الأستاذ أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري الصوفي من نيسابور، فعقد مجلساً للذكر، وحضر فيه كافة الخلق، وقرأ القارئ {الرحمن على العرش استوى}، قال لي أخصهم: فرأيت – يعني الحنابلة – يقومون في أثناء المجلس ويقولون: قاعدٌ قاعدٌ بأرفع صوتٍ وأبعده مدى، وثار إليهم أهل السنة من أصحاب القشيري ومن أهل الحضرة، وتثاور الفئتان، وغلبت العامة فأجحروهم المدرسة النظامية وحصروهم فيها، فرموهم بالنشاب، فمات منهم قوم، وركب زعيم الكفاة وبعض الدارية فسكنوا ثورتهم وأطفوا نورتهم.

فالجواب من وجوه:

الأول: لا نقبل كلام ابن العربي في الحنابلة لما عُرف عنه من تعصب ضدهم , و فوق هذا فهو ينقل عن مجاهيل لا ندري منهم! و هل هم عدول ثقات أم لا!

و هذا يقدح في صحة الرواية من الأساس

الثاني: معلوم ما حصل من الفتن بين الحنابلة و الأشاعرة و التي أشعلها كبيرهم القشيري حين اتهم الحنابلة بالتجسيم و التشبيه على المنبر

فلا عبرة بكلام الأشاعرة في هذا المقام سيما ان كان الدافع هو التعصب العقدي

الثالث: لو فرضنا - تنزلاً - صحة هذه الحادثة التي ذكرها , فلا حجة له بها في رميه الحنابلة بالتجسيم لأمور:

أ - انه هو نفسه يقول بمسألة القعود - و يأتيك كلامه لاحقاً في الوجه الرابع -

ب - ان من قال بالقعود او الجلوس فقد ذكر شيئا قد وردت به آثار ضعيفة قال بها جماعة من أئمة السنة كالإمام وكيع بن الجراح - شيخ الشافعي - و غيره فيلزم رمي هؤلاء الأئمة بالتجسيم من باب أولى

قال الامام الذهبي في كتابه العلو:

قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه حدثنا وكيع عن إسرائيل بحديث إذا جلس الرب جل جلاله على الكرسي فاقشعر رجل عند وكيع فغضب وكيع وقال أدركنا الأعمش والثوري يحدثون بهذه الأحاديث ولا ينكرونها رواها أبو حاتم عن أحمد

)) اهـ

و قال الامام الطبري في تفسيره الشهير:

حدثني به عبد الله بن أبي زياد القطواني قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة قال: أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة! فعظم الرب تعالى ذكره ثم قال: إن كرسيه وسع السماوات والأرض وإنه ليقعد عليه فما يفضل منه مقدار أربع أصابع - ثم قال بأصابعه فجمعها - وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من ثقله)

فهل هؤلاء الأئمة مجسمة أيضا عند ابن العربي؟

ج - التشبيه إنما يكون إذا قيل يد كيد او سمع كسمع أو إستواء كإستواء , فما وجه التشبيه هنا أصلا لمن قال بهذا الأثر و صححه و هو يقول بأن الله تعالى ليس كمثله شيء؟

فالحجة على الجهمية من باب أولى: فلو لم يشبّه الجهمي أولا ثم يعطّل ثانيا لما قال هذا الكلام!

و إلا فمن الأشاعرة من يؤمن ببعض صفات الله تعالى كالسمع و البصر و غيرها فكيف عقلوا هذه الصفات و لم يشبّهوها بصفات المخلوقين؟؟

فليطردوا هذا الأصل في كل صفة و انتهى الأمر!

الوجه الرابع: ان ابن العربي هو نفسه يقول بالقعود! فيلزمه هذا الكلام قبل غيره! و لا يصح ان يقال ان أراد إتقاء الحنابلة و مداهنتهم فقال هذا الكلام! و موقفه من الحنابلة مشهور مسطور كما في كلامه السابق!

قال ابن العربي: ((المسألة الخامسة: في تنقيح الأقوال وتصحيح الحال: قد بينا في السالف في كتابنا هذا وفي غير موضع عصمة الأنبياء صلوات الله عليهم من الذنوب،وحققنا القول فيما نسب إليهم من ذلك، وعهدنا إليكم عهدا لن تجدوا له ردا أن أحدالا ينبغي أن يذكر نبيا إلا بما ذكره الله، لا يزيد عليه، فإن أخبارهم مروية،وأحاديثهم منقولة بزيادات تولاها أحد رجلين: إما غبي عن مقدارهم، وإما بدعي لارأي له في برهم ووقارهم، فيدس تحت المقال المطلق الدواهي، ولا يراعي الأدلة ولاالنواهي؛ وكذلك قال الله تعالى: {نحن نقص عليك أحسن القصص}، أي أصدقه على أحد التأويلات، وهي كثيرة بيناها في أمالي أنوار الفجر. فهذا محمد صلى الله عليه وسلم ما عصى قط ربه، لا في حال الجاهلية ولا بعدها، تكرمة من الله وتفضلا وجلالا، أحله به المحل الجليل الرفيع،ليصلح أن يقعد معه على كرسيه للفصل بين الخلق في القضاء يوم الحق.

وما زالت الأسباب الكريمة، والوسائل السليمة تحيط به من جميع جوانبه والطرائف النجيبة تشتمل على جملة ضرائبه، والقرناء الأفراد يحيون له، والأصحاب الأمجاد ينتقون له من كل طاهر الجيب، سالم عن العيب، بريء من الريب، ... الخ)) أحكام القرآن 3/ 1542

فما عابه على الحنابلة يلزمه من باب أولى!

ـ[المقدادي]ــــــــ[26 - 07 - 07, 02:30 م]ـ

أما قوله: وقالوا: إنه يتكلم بحرف وصوت، وعزوه إلى أحمد بن حنبل

فهذا هو الحق الذي دلت عليه الآيات و الأحاديث النبوية!

و الإمام أحمد رحمه الله تعالى يقول بذلك!

و أستعير كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله حينما قال:

" أما إنكار إثبات الصوت عن الإِمام الذي ينتمي إليه الحافظ - قلت: اي الحافظ عبدالغني المقدسي - فمن أعجب العجب، وكلامه في إثبات الصوت كثير جداً.

قال عبد اللّه ابن الإمام أحمد في كتاب السنة " سألت أبي عن قوم يقولون: لما كلم اللّه موسى لم يتكلم بصوت. فقال أبي: بلى، تكلم بصوت، هذه الأحاديث نرويها كما جاءت ".) اهـ من ذيل طبقات الحنابلة , ترجمة الحافظ عبدالغني المقدسي

اما قول ابن العربي:

وأخبرني من أثق به من مشيختي أن أبا يعلى محمد بن الحسين الفراء - رئيس الحنابلة ببغداد – كان يقول إذا ذكر الله تعالى وما ورد من هذه الظواهر في صفاته، يقول: ألزموني ما شئتم فإني ألتزمه إلا اللحية والعورة!!

فهذا أيضا لا يُسلّم له به , و كم افترى و كذب الاشاعرة على الإمام ابي يعلي رحمه الله و رموه بالعظائم و الفواقر و هو منها بريء و قد تحمل رحمه الله أذاهم كثيرا

و مثل هذا الإمام رحمه الله يُستبعد ان يقول مثل هذا الكلام

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير