تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الأمر بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم]

ـ[ابو شمس السلفي]ــــــــ[27 - 07 - 07, 04:44 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرة من الله ورضوان

الحمد للَّه الذي رضي لنا الإسلام دينًا. وأنزل علينا في كتابه نورًا مبينًا. أحمده على جزيل نعمه. وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له في ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أرسله بالهدى ودين الحق. فهدى به من الضلالة. وبصر به من العمى وأتم به النعمة. صلى اللَّه عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرًا. أما بعد:

أيها الناس: اتقوا اللَّه حق تقاته.

أيها المسلمون: إن اللَّه قد بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالدين القويم. والمنهج المستقيم. أرسله رحمة للعالمين، وإمامًا للمتقين، وحجة على الخلائق أجمعين. أرسله على حين فترة من الرسل، فهدى به إلى أقوم الطرق وأوضح السبل، وافترض على العباد طاعته وتعزيزه وتوقيره ومحبته والقيام بحقوقه، وسد دون جنته الطرق فلم تفتح لأحد إلا من طريقه، فشرح له صدره، ورفع له ذكره، ووضع عنه وزره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره.

روى الإمام أحمد عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهم: قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ((بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد اللَّه وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم)) وكما أن الذلة مضروبة على من خالف أمره فالعزة لأهل طاعته. قال تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}. وقال تعالى: {ياأيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} أي: اللَّه وحده كافيك وكافي أتباعك فلا تحتاجون معه إلى أحد.

أيها المسلمون: إن طاعة الرسول طاعة للَّه كما قال تعالى: {من يطع الرسول فقد أطاع الله}، فأي مسلم بلغته سنة الرسول وجب عليه اتباعها وافقت هواه أو خالفته قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به)). وإن إنسانًا يزعم أنه متبع لهذا الرسول ولكنه عندما تبلغه سنته لا يأخذ منها إلا ما وافق هواه فإنه كاذب في زعمه وإنما هو متبع لهواه. كما قال تعالى: {فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين} وقد عاب اللَّه على بني إسرائيل هذا الصنيع مع أنبيائهم. كما قال تعالى: {أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون}. فبحسب متابعة الرسول تكون العزة والكفاية من اللَّه والنصرة كما أن بحسب متابعته تكون الهداية والصلاح والنجاح. فاللَّه تعالى علق سعادة الدارين بمتابعته، وعل شقاوة الدارين في مخالفته فلأتباعه الهدى والأمن والفلاح وطيب العيش في الدنيا والآخرة، ولمخالفيه الذلة والصغار والخوف والضلال والخذلان والشقاء في الدنيا والآخرة.

وقد أقسم سبحانه بأنه لا يؤمن من لا يحكم هذا الرسول في كل ما تنازع فيه هو وغيره ثم يرضى بحكمه ولا يجد في نفسه حرجًا مما حكم به ثم يسلم له تسليمًا وينقاد له انقيادًا. وقال تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}، فقطع سبحانه وتعالى التخيير بين أمره وأمر رسوله فليس لمؤمن أن يختار شيئًا غير أمره صلى الله عليه وسلم: لأنه إذا أمر فأمره حتم. ولقد رأى رجلاً يأكل بشماله فقال له صلى الله عليه وسلم: ((كل بيمينك)) فقال: لا أستطيع فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا استطعت، ما منعه إلا الكبر)) قال فما رفعها إلى فيه. فهذا رجل أبى أن يمتثل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم تكبرًا عنه فدعا عليه فتعطلت يده. ويبست فلما ينتفع بها. وإننا يا عباد اللَّه تبلغنا أوامر ونواهٍ كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فنترك العمل بها أو نتساهل به متابعة لأهوائنا أو مجاراة للناس فنعرض أنفسنا لعقوبة اللَّه مع ما يفوتنا مما في متابعته صلى الله عليه وسلم من الخير عاجلاً وآجلاً. إن شهادة أنه رسول اللَّه تقتضي منا طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا نعبد اللَّه إلا بما شرعه لنا، فمن أخل بشيء من هذه الأمور فقد أخل بهذه الشهادة بمقدار ما أخل به من هذه الأمور. إن اللَّه سبحانه وتعالى توعد الذين يخالفون عن أمره أن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير