ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[20 - 08 - 07, 04:30 م]ـ
أخي الكريم عمار وفقني الله وإياك
إن أردت أن الخلق والكتابة هما العلم فهذا غلط، وإن أردت تعلقهما بعلم الله فيقال:
علم الله قديم أزلي وهو من الصفات الذاتية لكنه يتجدد بعد وجود المعلوم من فعله وذلك أن علمه تبارك وتعالى بالشيء بعد فعله قدر زائد عن العلم الأول وهذا قد دل عليه العقل والنقل وهو قول السلف فالله عز وجل علم أنه سيكتب ويخلق ثم بعد الخلق والكتابة يتجدد قدر آخر من العلم، وذلك لأن علمه سبحانه بأنه موجود ووجوده متلازمان يلزم من ثبوت أحدهما ثبوت الآخر، ومن انتفائه انتفاؤه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(فصل في مسألة العلم
الناس المنتسبون إلى الإسلام في علم الله باعتبار تعلقه بالمستقبل على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه يعلم المستقبلات بعلم قديم لازم لذاته ولا يتجدد له عند وجود المعلومات نعت ولا صفة وإنما يتجدد مجرد التعلق بين العلم والمعلوم وهذا قول طائفة من الصفاتية من الكلابية والأشعرية ومن وافقهم من الفقهاء والصوفية وأهل الحديث من أصحاب أحمد ومالك والشافعي وأبي حنيفة وهو قول طوائف من المعتزلة وغيرهم من نفاة الصفات لكن هؤلاء يقولون يعلم المستقبلات ويتجدد التعلق بين العالم والمعلوم لا بين العلم والمعلوم
وقد تنازع الأولون هل له علم واحد أو علوم متعددة على قولين والأول قول الأشعري وأكثر أصحابه والقاضي أبي يعلى وأتباعه ونحو هؤلاء والثاني قول أبي سهل الصعلوكي.
والقول الثاني: أنه لا يعلم المحدثات إلا بعد حدوثها وهذا أصل قول القدرية الذين يقولون لم يعلم أفعال العباد إلا بعد وجودها وأن الأمر أنف لم يسبق القد ربشقاوة ولا سعادة وهم غلاة القدرية الذين حدثوا في زمان ابن عمر وتبرأ منهم وقد نص الأئمة كمالك والشافعي وأحمد على تكفير قائل هذه المقالة .....
والقول الثالث: أنه يعلمها قبل حدوثها ويعلمها بعلم آخر حين وجودها وهذا قد حكاه المتكلمون كأبي المعالي عن جهم فقالوا إنه ذهب إلى إثبات علوم حادثة لله تعالى وقال البارىء عالم لنفسه وقد كان في الأزل عالما بنفسه وبما سيكون فإذا خلق العالم وتجددت المعلومات أحدث لنفسه علوما بها يعلم المعلومات الحادثة ثم العلوم تتعاقب حسب تعاقب المعلومات في وقوعها متقدمة عليها أي العلوم متقدمة على الحوادث وذكروا أنه قال إنها في غير محل نظير ما قالت المعتزلة البصرية في الإرادة
وهذا القول وإن كان قد احتج عليه بما في القرآن من قوله: {ليعلم} فتلك النصوص لا تدل على هذا القول.
فإن هذا القول مضمونة تجدد علم قبل الحدوث والذي في القرآن إنما ذكروا دلالته على ما بعد الوجود وهذا قولان متغايران وإنما يحتج عليه بمثل قوله في حديث أبرص وأقرع وأعمى بدا لله أن يبتليهم وليس هذا بداء يخالف العلم القديم كما قاله بعض غلاة الرافضة وكذلك أبو الحسين البصري قال بإثبات علوم متجددة في ذات الله بحسب تجدد المعلومات وكذلك أبو البركات صاحب المعتبر الإمام في الفلسفة قال بتجدد علوم وإرادات له وذكر أن إلهيته لهذا العالم لا تصح إلا مع هذا القول وكذلك أبو عبدالله الرازي يميل إلى هذا القول في المطالب العالية وغيره ... ) رسالة في تحقيق علم الله (جامع الرسائل) (1/ 177 - 179)
وقال في درء تعارض العقل والنقل (5/ 212) عن هذا القول: (وإذا كان هو الذي يدل عليه صريح المعقول فهو الذي يدل عليه صحيح المنقول وعليه دل القرآن في أكثر من عشرة مواضع وهو الذي جاءت به الآثار عن السلف)
وقال: ( ... ثم الكلام في علمه بما يفعله هل هو العلم المتقدم بما سيفعله و علمه بأن قد فعله هل هو الأول فيه قولان معروفان و العقل و القرآن يدل _ كذا في الأصل _ على أنه قدر زائد كما قال {لنعلم} في بضعة عشر موضعاً) مجموع الفتاوى (16/ 304)