تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أبانت هذه (الرحلة) جانباً مهمَّاً في التعاطف والحرص على القضاء على هذه (الدَّعوة)؛ التي تُمثّل يقظة إسلامية توحِّد المسلمين، كما أبانت عن حقد (الإنجليز) على (الإسلام)، ذلك الحقد المُخطّط له من (التَّبشير الكنسي) المُوجَّه بأفكار (المستشرقين) ودسائسهم.

فقد مرَّ (سادلير) (بالدِّرعية) متخفّياً في (13) أغسطس من عام (1819م) (11)، وبعد أن ارتاحت نفسه، شدَّ الرِّحال لاحقاً (بإبراهيم باشا)، حتى أدركه في (آبار علي)، على مقربة من (المدينة المنورة)؛ ليُقدِّم له التَّهاني بهذا النَّصر (12)، مقرونة بهدايا (حكومة الهند الشرقية = الحكومة البريطانية).

الرد التَّفصيلي على ما ورد في هذه المذكرات:

الملاحظة الأولى: ذكر في (ص 30) أنَّ الشيخ (محمد بن عبد الوهاب) كانت له صداقة لرجل شيعي اسمه (عبد الرضا).

أقول: صداقة الشيخ - رحمه الله - للشِّيعة من أوضح الباطل، وهو كذب مفضوح، وللشيخ - رحمه الله - رسالة مطبوعة مُتداولة بعُنوان: "رسالة في الرَّدِّ على الرَّافضة" (13)؛ وهي قوية في بابها في الرَّدِّ على الشيعة، وعقائدهم الشنيعة ..

الملاحظة الثانية: ذكر في (ص 30)؛ أنه في البصرة يلتقي السُّنّي والشِّيعي وكأنهما إخوة.

أقول: هذا أمر يدل على جهل كاتب هذه (الافتراءات)، فهذا أمرٌ لم يكن في يوم من الأيام –البتة-، ولن يكون أبداً، فالشيعة يكفّرون أهل السنة، وأهل السنة أثبتوا –من كتب الشيعة- أنفسهم تحريفهم للقرآن، وتكفيرهم للصحابة إلا نفراً يسيراً، والغلو في أئمتهم، وأنهم أوصلوهم إلى مرتبة الألوهية ... وغير ذلك مما ليس هذا مجال بسطه موثقاً (14)!!!

الملاحظة الثالثة: ذكر في (ص30)؛ أن الشيخ (محمد بن عبدالوهاب) كان يعرف اللغات الثلاث: التركية، والفارسية، والعربية.

أقول: هذا أمر ليس بثابت؛ بل هو باطلٌ جداً، ويُستبعد أن يتعلم الشيخ –رحمه الله- لغة أعجمية ليس مضطراً لها، وقد استغنى بالعربية؛ وهي لغة (السلف الصالح) من المسلمين، والتي نزل بها القرآن، ودُوّنت بها السنة؛ وليس في مؤلفات الشيخ –رحمه الله- وآثاره ما يدل على شيء من هذا –البتة-، بل إنها على (المنهج السلفي)، بعيدة كل البعد عن مخالفة طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعه (15).

الملاحظة الرابعة: ذكر في (ص 31)؛ أن (الشيخ محمد بن عبد الوهاب) لم يكن يرى أي وزن لأتباع المذاهب الأربعة المتداولة بين أهل السنة ويقول: إنها ما أنزل الله بها من سلطان!

أقول: موقف الشيخ - رحمه الله - من المذاهب الأربعة واضح في كتبه؛ ومما قاله في بيان مذهبه: "نحن مقلدون للكتاب والسنة وصالح سلف الأمة، وما عليه الاعتماد من أقوال الأئمة الأربعة؛ أبي حنيفة النعمان بن ثابت، ومالك بن أنس، ومحمد بن إدريس، وأحمد بن حنبل - رحمهم الله -" أهـ (16).

وقال - رحمه الله -: "أما مذهبنا؛ فمذهب الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة، ولا ننكر على أهل المذاهب الأربعة، إذا لم يخالف نص الكتاب والسنة وإجماع الأمة وقول جمهورها" أهـ (17).

وقال - رحمه الله -: "وأما المتأخرون - رحمهم الله - فكتبهم عندنا؛ نعمل بما وافق النص منها، وما لم يوافق النص لا نعمل به"أهـ (18).

وأنقل لك شهادة الشيخ (محمد رشيد رضا) حيث قال: " ... وأنهم (19) في الأصول على مذهب جمهور السلف الصالح، وفي الفروع على مذهب الإمام (أحمد)، وأنهم يحترمون مذاهب (الأئمة الأربعة)، ولا يفرقون بين أحد من مقلديهم، وإنما قال (ابن عابدين) - ومن تبعه - ما قاله؛ تصديقاً لأكاذيب الشيخ (أحمد دحلان) ومفترياته، مع عدم وجود شيء من كتب (الشيخ) وكتب (أولاده وأحفاده) في الأيدي، ونحن كنا نصدق هذه الإشاعات التي أشاعتها السياسة (التركية) عنهم تصديقاً (لابن عابدين) وأمثاله؛ وقد طبعت كتبهم وكتب أنصارهم في عصرنا، فلا عذر لأحدٍ في تصديق (الحشوية) (والمبتدعة) (وأهل الأهواء) فيهم، وقد ذُكرت هذه الإشاعات مرةً بمجلس الأستاذ الكبير الشيخ (أبي الفضل الجيزاوي) (شيخ الأزهر) في إدارة المعاهد الدينية، فاستحضرت لهم نسخاً من كتاب "الهدية السنية" فراجعها (الشيخ الكبير)، وعنده طائفة من أشهر (علماء الأزهر)، فاعترفوا بأن ما فيها هو عين مذهب جمهور أهل السنة والجماعة" أهـ (20).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير