تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الملاحظة الخامسة: ذكر في (ص 30)؛ أن الشيخ (محمد بن عبد الوهاب) و (عبد الرضا) الشيعي كانا ناقِمَيْنِ على الخليفة.

أقول: والجواب على هذا من وجوه، هي:

1 - الشيخ - رحمه الله - يرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين؛ ومن ذلك قوله: "وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برِّهم وفاجرهم، ما لم يأمروا بمعصية الله، ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به، وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة؛ وجبت طاعته، وحرم الخروج عليه" أهـ (21)،وقال أيضاً: "الأصل الثالث: أن من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمر علينا، ولو كان عبداً حبشياً، فبين الله له هذا بياناً شائعاً كافياً بوجوه من أنواع البيان شرعاً وقدراً، ثم صار هذا الأصل لا يعرف عند كثير ممن يدعي العلم، فكيف العمل به؟! " أهـ (22).

2 - الشيخ - رحمه الله - كان لا يجد أدنى شكٍ في أن محل دعوته ليست خاضعة لدولة الخلافة؛ من ذلك قوله: "أن هذا الذي أنكروا علي وأبغضوني وعادوني من أجله، إذا سألوا عنه كل عالم في الشام أو اليمن أو غيرهم، يقول: هذا هو الحق، وهو دين الله ورسوله، ولكن ما أقدر أن أظهره في مكاني لأجل أن الدولة ما يرضون، وابن عبد الوهاب أظهره؛ لأن الحاكم في بلده ما أنكره؛ بل لما عرف الحق اتبعه" اهـ (23).

3 - هذه كتب الشيخ - رحمه الله - بين أيدينا، وليس فيه ما يدل على أي موقف عدائي ضد (دولة الخلافة)، ولا أي فتوى له - رحمه الله - تكفر (الدولة العثمانية)، وكانت سياسة الشيخ - رحمه الله - وموقفه تجاه (الدولة العثمانية)؛ أنه لم يُؤثر عنه - طوال حياته - تحريضٌ، أو استعداء، أو دعوة لحربها، أو الاستيلاء عليها؛ لشعوره أن ذلك الفعل يُفسر على أنه خروج على (دولة الخلافة)، ولم تُحرك (دولة الخلافة) ساكناً، ولم تبدُر منها أية مبادرة امتعاض، أو خلاف يُذكر؛ رغم توالي أربعة من (سلاطين آل عثمان) الخلافة، أثناء حياة الشيخ - رحمه الله -.

4 - دولة (الخلافة العثمانية) لم يكن لها سيطرة على (نجد)؛ فلم تشهد (نجد) - على العموم - نفوذاً (للدولة العثمانية)، وما امتد إليها سلطانها؛ فلم يكن في (نجد) رئاسة ولا إمارة (للأتراك)، ولا أتى إليها (ولاة عثمانيون)، ولا جابت خلال ديارها حامية (تركية)؛ في الزمان الذي سبق ظهور دعوة الشيخ (محمد بن عبد الوهاب)؛ بل كانت (نجد) (إمارات صغيرة) (وقرى متناثرة)، وعلى كل بلدة أو قرية - مهما صغرت - أمير مستقل، وهي إمارات بينها قتال وحروب ومشاجرات.

ومما يدل على هذه (الحقيقة التاريخية) استقراء تقسيمات (الدولة العثمانية) الإدارية، فمن خلال (رسالة تركية) عنوانها: "قوانين آل عثمان در مضامين دفتر ديوان" - يعني: (قوانين آل عثمان فيما يتضمنه دفتر الديوان) - ألفها (يمين علي أفندي)؛ الذي كان أميناً للدفتر الخاقاني، سنة (1018هـ) الموافقة لسنة (1690م)، ونشرها (ساطع الحصري) ملحقاً من ملاحق كتابه "البلاد العربية والدولة العثمانية" (ص 230 - 240)؛ من خلال هذه الرسالة تبيّن أنه منذ أوائل القرن الحادي عشر الهجري، كانت (دولة آل عثمان) تنقسم إلى (32) إيالة، منها (14) إيالة عربيّة، وبلاد (نجد) ليست منها، ما عدا (الأحساء)، إن اعتبرناها من (نجد).

ثم إن نفوذ (العثمانيين) ما لبث أن ضعف في (جزيرة العرب)؛ نتيجة لمشاكلهم الداخلية والخارجية، فاضطروا في نهاية الأمر إلى ترك (اليمن)؛ بسبب ثورة أئمة صنعاء ضدهم، واضطروا إلى مغادرة (الأحساء) أيضاً أمام ثورة زعيم بني خالد (براك بن غرير) وأتباعه سنة (1080هـ) (24).

5 - منطقة (نجد) لم تُعرَف بوجود شيء من (الخيرات) (والثروات)، التي تجعل تلك المنطقة محل طمع (الخلافة العثمانية)، وغيرها.

الملاحظة السادسة: ذكر (ص34) أن الشيخ - رحمه الله - كان له رأيه المستقل الذي لا يهتم حتى بالخلفاء الأربعة أمام ما يفهمه هو من القرآن والسنة.

وذكر في (ص37) أن (همفر) كان يبين للشيخ (محمد بن عبد الوهاب)، أنه أكثر موهبة من (علي وعمر)!

أقول: أما اعتقاد الشيخ - رحمه الله - في الصحابة - رضوان الله عليهم -؛ فهو التالي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير