قال الشيخ العلامة الكبير المحدِّث الفقيه النحرير (محمد بشير السهسواني الهندي) نافياً عن الشيخ (محمد بن عبد الوهاب) تهمة (تكفير المسلمين واستباحة قتلهم وسلب أموالهم وهتك أعراضهم): "إن الشيخ وأتباعه لم يُكفروا أحداً من المسلمين، ولم يعتقدوا أنهم هم المسلمون، وأنَّ من خالفهم هم المشركون، ولم يستبيحوا قتل أهل السُّنَّة وسبي نسائهم ... ولقد لقيت غير واحد من أهل العلم من أتباع الشيخ، وطالعت كثيراً من كتبهم، فما وجدت لهذه الأمور أصلاً وأثراً، بل كل هذا بهتان وافتراء" اهـ (46)، وعلَّق (الشيخ محمد رشيد رضا) على الكلام السابق بقوله: "بل في هذه الكتب خلاف ما ذُكر وضدُّه؛ ففيها أنهم لا يُكفِّرون إلا من أتى بما هو كفر بإجماع المسلمين" اهـ (47).
الملاحظة الثالثة عشرة: ذكر في (98) أن من الخطط التي وضِعت (للشيخ محمد بن عبد الوهاب)؛ هدم القباب والأضرحة.
أقول: أخرج (مسلم) في "صحيحة" عن أبي الهياج الأسدي، قال: قال لي علي - رضي الله عنه -: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ "أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته".
وأخرج عن جابر - رضي الله عنه - قال: "نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُجصّص القبر، وأن يبني عليه، وأن يكتب عليه".
وأخرج عن ثمامة بن شّفيّ قال: كنّا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم برودس، فتوفي صاحب لنا، فأمر فضالة بن عبيد بقبره يُسوى، ثم قال: "سمعت رسول الله صلى الله علية وسلم يأمر بتسويتها".
قال الترمذي - رحمه الله -: "باب ما جاء في تسوية القبور".
وقال ابن ماجه - رحمه الله -: "باب ما جاء في النهي عن البناء على القبور وتجصيصها والكتابة عليها".
قال النووي - رحمه الله – في شرح صحيح مسلم: قال الشافعي –رحمه الله-: "رأيت الأئمة في مكة يأمرون بهدم ما بُني".
و "الذي يرجع لمبدأ (البناء على القبور) في (العالم الإسلامي)، يراه مرتبطاً بقيام (دولة القرامطة) في (الجزيرة العربية)، (والفاطميين) في (المغرب) ثم في (مصر) " (48).
الملاحظة الرابعة عشرة: ذكر في (99) أن من الخطط التي وضعت (للشيخ محمد بن عبد الوهاب)؛ نشر قرآن فيه تعديل كما جعل في الأحاديث من زيادة ونقيصة!!
أقول: إليك عقيدة الشيخ - رحمه الله - في (القرآن الكريم)، وحكم الزيادة فيه، والنقص منه: قال - رحمه الله -: "واعتقاد ما يُخالف كتاب الله كفر" اهـ (49)، وقال - رحمه الله -: "فمن اعتقد ما يُخالف كتاب الله فقد كفر"اهـ (50)، وقال –رحمه الله-: "ومن اعتقد عدم صحة حفظ القرآن الكريم من الإسقاط، واعتقد ما ليس منه أنه منه؛ فقد كفر" اهـ (51)، وقال - رحمه الله -: "ومُكذِّب القرآن كافر ليس له إلا السيف وضرب العنق" اهـ (52)، وقال - رحمه الله -: "ومن هزل بشيء فيه ذكر الله، أو القرآن، أو الرسول؛ فهو كافر" اهـ (53).
الملاحظة الخامسة عشرة: ذكر في (ص101) أن (الشيخ محمد بن عبد الوهاب) استبعد أن يقدر على (هدم الكعبة) عند الاستيلاء عليها.
أقول: أكتفي بالجواب على هذا الهراء؛ بنقل شهادة (رجل) (ليس من أهل نجد)، بل وليس من مؤرخي (المشارقة)، وإنما هو من مؤرخي (المغاربة)؛ يحكي لنا واقعة بعد وفاة (الشيخ محمد بن عبد الوهاب) (بعشرين سنة) تقريباً، وهذا الرجل هو (أحمد الناصري) صاحب كتاب: "الاستقصاء في تاريخ المغرب الأقصى" (54)، وقد غطى حيزاً كبيراً من أخبار (دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب)؛ بأكثر من (عشر صفحات).
يقول (أحمد الناصري) عن السلطان (سليمان بن محمد بن عبد الله العلوي) (55): "أنه أراد أن يتحقق من (ابن سعود) وما يدعو إليه، فأرسل ابنه (المولى إبراهيم في جماعة من علماء المغرب وأعيانه، ومعه (جواب) من والده، فوصلوا إلى (الحجاز)، وقضوا (المناسك)، وزاروا (الروضة الشريفة)، كل هذا على (الأمن والأمان)، (والبر والإحسان) ".
¥