تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم أردف (أحمد الناصري) قائلاً: "حدثنا جماعة وافرة ممن حجَّ مع (المولى إبراهيم) في تلك السنة، أنهم، ما رأوا من ذلك (السلطان) - يعني الإمام سعود -؛ ما يُخالف ما عرفوه من (ظاهر الشريعة)، وإنما شاهدوا منه، ومن أتباعه غاية الاستقامة، (والقيام بشعائر الإسلام)؛ من (صلاة وطهارة)، (وصيام)، و (نهي عن المنكر الحرام)، (وتنقية الحرمين الشريفين من القاذورات والآثام)؛ التي كانت بهما من غير نكير، وأنه لما اجتمع (بالشريف المولى إبراهيم)، أظهر له التعظيم الواجب (لآل البيت الكريم)، وجلس معه كجلوس أحد أصحابه وحاشيته، وكان الذي تولَّى الكلام معه (الفقيه القاضي)؛ (أبو إسحاق إبراهيم الزرعي) " اهـ (56).

الملاحظة السادسة عشرة: ذكر في (ص101 - 102) أنه بعد سنوات من العمل تمكنت الوزارة من جلب (محمد بن سعود) إلى جانبها، فأرسلوا إلى (محمد بن عبد الوهاب) رسولاً يبين له ذلك، ويظهر وجوب التعاون بين (المحمدين)؛ فمن (محمد بن عبد الوهاب) الدين، ومن (محمد بن سعود) السلطة ... !!

أقول: المذكور الثابت في (كتب التاريخ) أن الشيخ (محمد بن عبد الوهاب) - رحمه الله - ذهب إلى (الدرعية) بلد (محمد بن سعود)، فعلِم به خصائص من أهل (الدرعية)، فزاروه خفية، ورأوه لا يزال على سبيل الرسول صلى الله عليه وسلم (ثابتاً)، فأرادوا أن يُخبروا (محمد بن سعود)، ويشيروا عليه بنصرته، فهابوا فأشارت (المرأة) على (زوجها)، وكذلك أخواه (ثنيان ومشاري)، بمساعدة الشيخ ونصرته، وألقى الله - سبحانه - في قلبه للشيخ محبة، فقام (محمد بن سعود) من فوره، وسار إليه، ومعه (أخواه)، فسلم عليه، ورحَّب به، وأبدى غاية الإكرام والتبجيل، وأخبره أنه يمنعه بما يمنع به نساءه وأولاده، وقال: أبشر ببلاد خير من بلادك، وأبشر بالعزِّ والمنعة.

فقال (الشيخ): وأنا أبشِّرك بالعزِّ والتمكين، وهذه كلمة "لا إله إلا الله"؛ من تمسَّك بها وعمل بها ونصرها، ملك بها البلاد والعباد، وهي كلمة التوحيد، وأول ما دعت إليه الرُّسل؛ من أولهم إلى آخرهم، وأنت ترى (نجداً) (وأقطارها) أطبقت على (الشّرك)، (والجهل والفرقة)، (وقتال بعضهم لبعض)؛ فأرجو أن تكون (إماماً) يجتمع عليه المسلمون، وذريتك من بعدك.

ثمَّ لَّما تحقَّق (محمد بن سعود) من معرفة التوحيد وفضله، ورأى بُعدَ الناس في الواقع عنه، قال للشيخ: يا شيخ! إن هذا دين الله ورسوله الذي لا شك فيه، وأبشر بالنُّصرة لك ولِما أمرت به، والجهاد لمن خالف التوحيد " (57)

الخاتمة: قد وجد القدح في (هذه الدعوة) صدى في نفوس (راغبي الزعامة) (والتسلط)، باسم (المعرفة والعلم)، ولدى (أصحاب الأهواء) و (المصالح الظاهرة) أيضاً.

هذا من (جانب)، ومن (جانب) آخر انطلت (النسبة) إلى (الوهاب): (الوهابية) نبزاً بدعوة الشيخ!!، وهي نسبة غير صحيحة –من حيث مراد الطاعنين-، لأنهم لو نسبوها (للشيخ محمد) لصارت (محمدية)، ولا يتحقق لهم ما أرادوا؛ لأن (الدين الإسلامي) كلمة يسمى (الرسالة المحمدية)، نسبة إلى محمد صلى الله عليه وسلم، الذي بلّغها عن ربه (58).

وما أرادوه بالطعن منلقبٌ عليهم؛ فـ (الوهابية) نسبة إلى الله –تعالى- الذي من أسمائه –سبحانه-: "الوهاب"؛ فالحمدلله.

ولا أستبعد أن يكون جميع من كتب متهجماً على (الشيخ محمد) (ودعوته)، ومن يقوم بنشر ذلك بين الناس لم يقرأ واحداً من كتبه؛ سواء في (التوحيد والعقيدة)، أو (الفقه والأحكام)، أو (التفسير)، أو (السيرة النبوية)، بل إنه لم يناقش رأياً مما قال، وإنما حرَّكتهم (المصالح الدنيوية)، (وأعماهم الهوى) ... (59)

وقد أثبتت الأيام صدق وإخلاص (الشيخ محمد) –رحمه الله-؛ حيث بقي صدى الدعوة، بل ازداد، وحرص الناس في كل مكان على تتبع كتبه –رحمه الله-، ودراستها، كما عاد كثير من المناوئين إلى رُشده، بعدما استبان لهم سلامتها، وصدق هدف الداعية؛ (لأن الحق أحق أن يتَّبع) (60).

هذا إلى (جانب) اهتمام المسلمين بها في كل مكان، وتحقق طلبة العلم من صدق الهدف، وبُعدها عن مسارب البدع والخرافات التي أنكرها علماء الإسلام في كل مكان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير