تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال رحمه الله تعالى:"وأما المخالفون -أي في تنزيه الله تعالى- فمنهم من أطلق الجسم بمعنى الموجود والجوهر بمعنى القائم بنفسه والحق المنع شرعا واحتياطا.

ومنهم المجسمة القائلون بأنه جسم على صورة شاب أمرد أو شيخ أشمط أو سبيكة بيضاء تتلألأ.

والمشبهة القائلون بأنه في جهة العلو وفوق العرش مماسا له أو محاذيا ببعدٍ متناه أو غير متناه ...... "اهـ

فالإمام التفتازاني يقطع بان الله تعالى منزه عن الجهة والحيز والجسمية، ثم يقول في الجواب على استدلالاتهم بما ذكره:"أنها ظنيات سمعية في معارضة قطعيات عقلية فيقطع بأنها ليست على ظاهرها .. "اهـ

ثم بين أن الطريق في التعامل معها إما التفويض وإما التأويلات المناسبة الموافقة لما دلت عليه الأدلة العقلية.

وأنا أزيد وأقول بل إن الأدلة الشرعية دلت على التنزيه المطلق كما نص على ذلك العلامة التفتازاني في قوله الذي نقلته أنت يا هيثم وربما لم تفهمه، وهو:" .... مع تنبيهات دقيقة إلى التنزيه المطلق عما هو من سمات الحدوث."اهـ، فالجهة والحيز والتركيب والجسمية من سمات الحدوث

وأنت قطعت كلام التفتازاني عند هذه العبارة مع أن مقتضى النقل يوجب عليك أن تكمل نقل السطرين التاليين، فهناك يقول التفتازاني مباشرة بعد الفقرة التي نقلتها عنه:" وتوجه العقلاء إلى السماء ليس من جهة اعتقادهم أنه في السماء بل من جهة أن السماء قبلة الدعاء، إذ منها يتوقع الخيرات والبركات وهبوط الأنوار ونزول الأمطار."اهـ

وبهذا ينتهي كلامه الدقيق في هذا الموضع.

ولا أظنك قطعت هذين السطرين ولم تنقلهما إلا لأنهما صريحان في نفي الجهة، كما لم تنقل ما بينته لك سابقا.

فإذا كنت تعتقد يا هيثم أن التفتازاني يقول بالجهة، فذلك جهل منك.

وإذا كنت تعتقد يا هيثم أنا نشك في نفي كون الله تعالى في جهة حسية على حد تعبيرك واعتقادك فهذه سذاجة منك، بل هذا لا يقبل الشك عندنا.

وأنا والله صرت أكاد أضحك حسرةً عليك كلما رأيت لك كلاما، لما يظهر عليه من فهاهة علمك ودرايتك بهذه المسائل، ومع ذلك تصرُّ على مذهبك مع كل هذا التناقض الصادر عنك.

وبعد هذا كله تسأل عن المباهلة!!!! سبحان الله

ولا أدري لماذا لا تريد أن تضع ابن تيمية جانبا في هذا النقاش مع أنك تصدر عن فهمك له وتنصر ما تعرفه من مذهبه، وكلما ظهر لك معنى منه تمسكت به.

ومع هذا تدخل التفتازاني في النقاش، أنت متناقض حتى في هذا الأمر!!

فالله تعالى ليس في جهة حسية ولا هو جسم ولا ولا تحدث فيه صفات حادثة كما تعتقدون أيها المجسمة، هذه هي عقيدتي التي أقطع بها.


هيثم عبدالحميد حمدان
دائماً تظلمني يا أخ سعيد، هل قلتُ أنا إن التفتازاني يقول إن الله في جهة؟! لم أقل ذلك.
التفتازاني صرّح بأن الله ليس في جهة، لكن انظر كيف يؤصل موقف خصمه أحسن تأصيل، وكيف يصرّح بأن:

الكتب السماوية تشعر بالعلو ... والأحاديث النبوية تشعر بالعلو ... في مواضع لا تحصى ... من غير أن يقع في موضع واحد من الكتب السماوية والأحاديث النبوية التصريح بنفي العلو ... وأن العلو متقرر في فطر العقلاء ... مع اختلاف الأديان والآراء ... ومن مظاهره التوجه إلى العلو عند الدعاء ومدّ الأيدي إلى السماء.
أقول يا أخ سعيد: تأمل كيف يؤصل موقف خصمه أحسن تأصيل، ثم يجيب عليه بجواب ضعيف متهافت.
فقلت في نفسي: لعل التفتازاني يرى عقيدة العلو في قرارة نفسه لكنه يصرح بخالف ذلك لأمر ما.
فيكون حاله في ذلك حال القرطبي القائل: "وأظهر الأقوال؛ وإن كنت لا أقول به ولا أختاره؛ ما تظاهرت عليه الآي والأخبار والفضلاء الأخيار: أن الله (سبحانه) على عرشه كما أخبر في كتابه، بلا كيف، بائن من جميع خلقه".
والآن أقول: لعل سعيد فودة مثلهما، يرى العلو في قرارة نفسه، وها هو لم يصرّح باستعداده للمباهلة حول مسألة العلو!

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير