تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قوله: تحت الأرض. نسبة لما يتوهمه الإنسان في البداية من أن مَنْ في ذلك الجانب يكون تحتا وليس كذلك لأن التحت هو الأرض السابعة السفلى وهو جوف الأرض ويسمى المركز وهو محط الأثقال، فالأثقال من كل جانب تنجذب إليه وتنتهي إليه، ولو كان من في تلك الناحية تحت لكنا نحن ههنا تحت فنحن بالنسبة لمن هناك كما هم بالنسبة إلينا، والسماء من كل مكان في الأرض عالية على الأرض، انظر الرسالة العرشية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقد وضح ذلك وبينه.

فتعاقب الليل والنهار على كرة الأرض بواسطة دوران الشمس حولها هو الذي يدل عليه قوله تعالى: ((وهو الذي خلق الليل والنهار)) الآية. كما تقدم، وكذلك قوله تعالى: ((يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل)) والعرب تقول: كورت العمامة إذا أدرتها على الرأس. وليس الرأس هو الذي يدار لتكوير العمامة عليه، والقرآن نزل بلغة العرب وهذه الآية دليل أيضا على كروية الأرض، لأن التكوير لا يكون إلا على الجسم المستدير.

العلو والتحت للكون

قبل أن أذكر الثاني وهو تعاقب الفصول الأربعة وأنه يحصل بدون دوران الأرض حول الشمس أذكر هنا مسألة مهمة ينبغي الاعتناء بها وهي معرفة العلو والتحت للكون وأن ذلك ثابت لا يتغير بخلاف عقائد الملاحدة الفاسدة فإنهم لا يثبتون علوا ثابتا وسفولا ثابتا مستقرا لأن الأرض في خيالهم وخيال مقلديهم ذرة هائمة سابحة في فضاء لا نهاية له. فالعلو يكون على حسب اعتقداهم دوران الأرض فضاء لا ينتهي وليس له جهة ثابتة كذلك التحت والسفل فإنه لا يثبت لهم، فاعلم أن أسفل الكون كله هو الأرض السابعة وفيها جهنم وهو الذي تنحط الأثقال كلها إليه وتقف عنده لو كان ما بينها وبينه مخروق في الأرضين.

وهذا من كل مكان من الأرض سواء اليابس أو الماء لأن السماء عالية على الأرض من كل جانب ولأن السماوات والأرضين ليس لهما إلا جهتان فقط ثابتتان وهما العلو والتحت أما اليمين والشمال والأمام والخلف فهذا نسبي فما كان يمين هذا ويكون شمال هذا وما كان أمام هذا يكون خلف هذا بخلاف العلو والسفل فهذا ثابت لا يتغير. فما نزل من السماء من كل جانب سقط على الأرض، صنع الله الذي أتقن كل شيء. لأن الأثقال منجذبة إلى المركز وهو الأرض السابعة السفلى.

وهذا الذي أذكره تقرير علمائنا رحمهم الله ابن تيمية وغيره.

إذا عرفنا أن الأرض السابعة السفلى في جوف الأرضين الست وأن أرضنا هذه الأولى في جوف السماوات السبع تبين لنا أن الأرضين السبع والسماوات السبع كلها كرة واحدة سطحها سطح السماء السابعة ومركزها الأرض السابعة السفلى، وأن العلو هو ما فوق الأرض من كل جانب و السفل هو الأرض السابعة ثم إن الأرض إنما سميت أرضا لسفولها. قال ابن القيم رحمه الله في (بدائع الفوائد): إنها بالنسبة إلى السماء تحت وسفل فعبر عنها بهذا اللفظ الجاري مجرى المصدر لفظا ومعنى.

وقال رحمه الله على لفظ الأرض أنه يصلح أن يعبر به عن كل ما له فوق وهو بالإضافة إلى ما يقابله سفل. ثم قال: فسماء كل شيء اعلاه وأرضه أسفله. انتهى

وهذا مما يبين ضلال الدهرية حيث يسمون الأرض كوكبا، وهم إنما سموها كذلك لأنه لا فرق بينها وبين هذه الكواكب في تخيلهم لأن الجميع عندهم دائر في فضاء لا ينتهي فلا ثبات في الكون كله عندهم ولا استقرار، والرب سبحانه وتعالى قال: ((والأرض وضعها للأنام)) يعني خفضاها في مركز العالم، قال ابن كثير رحمه الله: أي كما رفع السماء وضع الأرض ومهدها وأرساها بالجبال الراسيات الشامخات لتستقر لما على وجهها من الأنام وهم الخلائق المختلفة أنواعهم وأشكالهم وألوانهم وألستنهم في سائر أقطارها وأرجائها. انتهى.

كذلك فقد ذكر الله جريان الشمس وإتيانها ودؤوبها في السير هي والقمر في مواضع من كتابه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير