تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا واضح فلو كانت الأرض هي التي تدور حول الشمس لتتعاقب الفصول التي فيها مصالح الخلق كما يزعمون لما ذكر الله المشارق والمغارب الذي معناه دوران الشمس حول الأرض وتغير مطالعها ومغاربها فهذا كله منسوب إليها لا سيما قوله تعالى: ((رب المشرقين ورب المغربين)) اللذين هما مشرقي الصيف والشتاء ومغربي الصيف والشتاء.

فلو كان الأمر على تخريف الملاحدة لذكر الله حركة الأرض ودورانها حول الشمس لتحصل مصالح الخلق بتغير الفصول. واين آية واحدة تدل على ذلك؟

ثبات الأرض نعمة عظيمة

وكذلك يذكر ربنا عز وجل ثبات الأرض واستقرارها في سياق تعداد نعمه وآلائه فله الحمد. قال تعالى: ((والأرض وضعها للأنام)) ولذلك تقول الجن: اللهم ولا بشيء من آلائك نكذب فلك الحمد. يقولون هذا بعد قوله تعالى: ((فبأي آلاء ربكما تكذبان)).

فكون الأرض موضوعة في السفل في مركز العالم قارة ساكنة هو من آلاء الله علينا فالحمد لله.

وقد فرق الله بينها وبين السماء بخلاف الملاحدة الذين يعتبرونها من ضمن كواكب السماء الذي هو العلو عندهم ليس المبني فوقنا. فهذا لا وجود له في خيالهم فقال سبحانه: ((والسماء رفعها ووضع الميزان)) وقال بعد ذلك: ((والأرض وضعها للأنام)) فالسماء مرفوعة والأرض موضوعة.

أما الملاحدة فليس لوضع الأرض عندهم معنى ولا لرفع السماء أيضا لأنهم لا يعرفونها. فالكون عندهم كله فضاء لا ينتهي وشموس وكواكب وأقمار تدور فيه.

وقد سلبوا الأرض خاصيتها حتى الإسم الذي سماها به خالقها سلبوها إياه. وادعوا في الكواكب ما هي بريئة منه من أنها صالحة لسكنى الناس ويمكن وصولها وأن تركيبها كتركيب الأرض وكذلك القمر وكله من أبطل الباطل وهم قالوا ذلك ليصدقهم الناس بدوران الأرض ليتم لهم إضلال المسلمين بأن الفضاء لا نهاية له، الذي معناه إنكار وجود الخالق، وهذا يحتاج إلى تفصيل وليس هنا موضعه. فثبات الأرض وقرارها من ضمن آلاء ربنا فله الحمد، ولذلك يقول تعالى: ((وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم)) فتأمل ما في ضمن قوله تعالى: ((أن تميد بكم)) من اللطف والعناية الربانية والرحمة والإحسان. أي: لئلا تميد لكم فالحمد لله.

خطفة شيطانية وسفر خيالي

من صدّق الملاحدة وتابعهم في هذا الاعتقاد فإنما خطفه الشيطان وسافر به سفرا خياليا وهميا لا حقيقة له ولا وجود، ليضله عن ربه كما أضل الملاحدة الذين أنكروه فليس هو عندهم ربا خالقا حكيما رحيما مدربا قاهرا فوق عباده فلا يدري أين هو. إن أثبت أنه الأعلى فوق مخلوقاته تناقض بهذه العقيدة التي لا يتفق له مع تمسكه بها علوا ثابتا ولا سفولا ثابتا لأن ما كان اليوم فوقه يكون غدا تحته والأرض في مخيلته هباءة سابحة في فضاء لا نهاية له. فهكذا انتهت هذه النظرية إلى التعطيل كما بدأت منه وأي ضلال أعظم من هذا؟. وقد كان تعطيل الجهمية مبدؤه كلمة واحدة وهو القول بخلق القرآن.

عقول المعطلة منكوسة

مجمل ما سبق يتضح لك إذا عكست كلام المعطلة وخالفتهم فبدلا من أن تتخيل الشمس ثابتة وهي المركز، إجعل بدلها الأرض أنها ثابتة وهي المركز للعالم.

وبدلا من أن تتخيل الأرض تدور حول الشمس في الفضاء، اجعل الشمس هي التي تدور حول الأرض في كرة السماء لتعاقب الليل والنهار.

وبدلا من أن تتخيل تمايل الأرض وانحرافها عن الشمس وهي تدور حولها لتعاقب الفصول الأربعة، اجعل ذلك في الشمس نفسها كما سبق ووصفت لك وكما يتضح في الرسم رقم (3) يعني بميل أشعتها وتعامدها بسبب انحرافها إلى الجنوب تارة وإلى الشمال تارة وهو مشاهد الحس.

وبدلا من أن تتخيل أنك تطير في الفضاء الذي لا نهاية له وأن هذه المجموعة الشمسية التي كوكبك الأرضي منها واحد من ملايين المجموعات الشمسية التي تكون بدورها مجرات وبينها مسافات هائلة وأبعاد عظيمة تقدر بالسنين الضوئية المتناسبة مع هذا الخيال الشيطاني بدلا من ذلك، ثق أنك مستقر على أرض ثابتة ساكنة والذي فوقك فضاء محدود محاط بالسماء المبنية الكروية التي لها جرم وسمك وأبواب. قال تعالى: ((أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج))

فروج: شقوق

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير