[الروافد الثقافية للوثنية اليهودية.]
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[01 - 08 - 07, 05:40 م]ـ
الروافد الثقافية للوثنية اليهودية
النحلة الشيطانية
الحمدلله رب العالمين، و العاقبة للمتفين، و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين، و لا عدوان إلاَّ على الظالمين الملحدين، أتباع الشياطين.
و بعد فهذا بحث مختصر عن الأصول و الروافد الثقافية التي يستمد منها الفكر اليهودي أبجدياته و أدواته المعرفية، و هذا الموضوع على وجازته هو خلاصة عدة قراءات، و كذلك عِدَّة أبحاث كنت قد تناولت فيها الفكر اليهودي من عدَّة نواحي.
فعند مراجعة التاريخ اليهودي، نجد أن بني إسرائيل الذين كانوا يتصفون بميلهم إلى الوثنية اعتمدوا على عدة روافد لتلك الثقافة الوثنية، لا سيما من خلال الثقافنين اللتين عاصرتاها و امتزجتا بها، و هما: الثقافة الفرعونية المصرية القديمة، و الثقافة البابلية.
أولاً: في مصر القديمة:
لا شك أن بني اسرائيل خلال وجودهم في مصر تأثَّروا كثيرا بالثقافة الوثنية التي كانت سائدةً هنالك، إلاَّ أنهم و بعد خروجهم من مصر استرفدوا الكثير من المعطيات الوثنية لدى المصريين القدماء، محاولين بذلك إدخاله على دينهم اليهودي الذي اختلطت به وثنيات و أساطير كثيرة، فقد عرفوا تقاليد كابالا المصرية القديمة ونقلوها من جيل إلى جيل كتعاليم شفوية.
فالحضارة الفرعونية المصرية تعد من أقدم الحضارات الإنسانية، وكان الفراعنة على رأس السلطة، حيث يحكمونها بمطلق القسوة و الدكتاتورية، ثم يأتي فريقان مهمان كانا يحيطان بفرعون، وهذان الفريقان هما "الملأ" المذكور في القرآن الكريم.
و هما:
ـ الجيش والذي يمثل القوة المادية لفرعون.
ـ السحرة أو الكهان، و الذين كانوا يمثلون الفكر والفلسفة التي يعتمد عليها فرعون، مع اشتغالهم بالسحر أيضاً و تأديتهم لطقوس سحرية معينة من السحر الأسود، بالإضافة إلى اشتغالهم ببعض العلوم الطبيعية كعلم الفلك والرياضيات والهندسة.
و قد تكونت خلال هذه الحضارة الطوطمائية قاعدة هائلة من الثقافة السحرية السوداء، وقد انتقلت تلك الثقافة تدريجياً الى بني اسرائيل من خلال إقامتهم عدة قرون في مصر، و تشكَّلت في تعاليم كهنوتية و فلسفية و سحرية عُرفت في التاريخ اليهودي فيما بعد بثقافة الكابالا، و التي قاموا من خلالها بنقل التراث الوثني لمصر القديمة إلى الأجيال الأخرى.
و قد تأثَّر بنو اسرائيل بالثقافة المصرية القديمة من خلال عدة محاور:
1ـ نقل الوثنية المصرية إلى التوراة مما أدَّى بهم بالطبع إلى التحريف الكامل للتوراة، و لا يمكننا فهم هذه الظاهرة وهي ظاهرة اشتياق بني إسرائيل للأوثان ولعبادة العجل، مع توالي دعوة التوحيد اليهم من خلال أنبياء كثر، بدءاً بإسحاق ويوسف عليهما السلام وانتهاء بموسى عليه السلام؟ و لكن يمكن تفسير هذه الظاهرة بتأثير الجو الوثني الذي عاشوا فيه مئات السنين، و الذي كان قد أثر فيهم تأثيراً بالغاً.
ونستطيع أن نشير إلى أمثلة عديدة لتسلل الفلسفة الوثنية والنظرة الوثنية اللاهوتية إلى التوراة.
أـ حيث أضيفت صفات إنسانية وأنواع من الضعف الإنساني إلى الله تعالى، مثل تعب الله بعد خلقه العالم واستراحته في اليوم السابع، وقيام يعقوب عليه السلام بالمصارعة مع الله وتغلبه عليه، تعالى الله عمَّا يقول الظالمون علواَّ كبيرا، و كذلك تصوير (يهوه) وكأنه إله بني إسرائيل فقط وليس رباً للعالمين كما كان اعتقاد الفراعنة المصريين بآلهتهم.
ب ـ نقل عبادة العجل المسمَّى الإله هاثور عند المصريين الى الديانة اليهودية
، وكان العجل (الإله هاثور) معبوداً لدى المصريين كما هو معلوم، و يُعَدُّ رمزاً لعبادة الشمس، يقول الباحث "ريتشارد ريفز" في كتابه "مدة طويلة تحت الشمس"
: "لقد كان الثور و البقرة أي "هاثور" و"أبيس" من آلهة مصر القديمة ورمزين لعبادة الشمس وكانت عبادة المصريين لهذين الإلهين لا تعد إلا جزءاً صغيراً من التاريخ الطويل لعبادة المصريين الشمس".
¥