تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولكن طريق التيسير لا يحتمل إلا وجها واحدا وهو الطريق الأول كمن الأوجه الجائزة وهو فتح التوراة مع قصر المنفصل وصلة ميم الجمع وهو طريق الداني على أبي الفتح من قراءته على عبد الباقي وهو طريق أبي نشيط المذكور في التيسير، وباقي الأوجه الجائزة لا يؤخذ بها إلا من طيبة النشر، وقد أدت كثرة الطرق وتشبعها نتيجة أخذهم بشروح الشاطبية دون الرجوع للتيسير أو تحريرات النشر إلى حدوث لبس في قراءة بعض مشاهير القراء الذين نجد لهم شرائط مسجلة ومذاعة في رواية قالون ــ ويؤخذ فيها بالوجه الممنوع من الشاطبية وهو فتح التوراة وقصر المنفصل وسكون ميم الجمع. مع أن هذا الوجه ممنوع من طرق الحرز كما ذكره العلماء في تحريراتهم. كل هذا نتيجة خلط الطرق ببعضها وعدم الأخذ بالطريق الأصلي وهو طريق التيسير.

وهنا سؤال: لماذا تشبعت الأوجه في شروح الشاطبية؟

السبب الأول: أنه لم يؤخذ بالوجه الراجح في التيسير، وكتاب التيسير لم يطبع طبعة جيدة إلا منذ ستين عاما ـــ طبعه وحققه أحد المستشرقين الألمان، وأصبحت شروح الشاطبية أكثر شهرة من كتاب التيسير وأصبحت هي المعتمدة لدى العلماء دون أصلها. والشاطبي ذكر أوجها ليست في التيسير، ولكن الذين يدرسون الشاطبية ألزموا من يحفظها أن يأخذ بجميع الأوجه التي فيها ولم يأخذوا بالوجه الراجح الذي هو طريق الشاطبية الأصلي الذي يؤخذ من التيسير. لم يفرقوا بين الوجه الذي في الأصل وزيادات الشاطبية على أصله. فمثلا نجد لورش في الشاطبية الطول والقصر والتوسط في مد البدل، ونجد التقليل والفتح في ذوات الياء، إلا أن طريق التيسير هو التوسط في مد البدل وكذلك التوسط في مد اللين مثل (شئ) وعبر عنه الداني في التيسير بقوله (وقرأ ورش بتمكين المد)، وكذلك ليس له في اليائي نحو (القربى) سوى التقليل. وقد ذكروا في قوله تعالى {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا}. إلى قوله (عذابا مهينا) ــ ذكروا في الآيتين أربعة وعشرين وجها تأتي من ضرب وجهي التوسط والطول في (شيئا) في وجهي الفتح والتقليل في (القربى) فتكون أربعة تضرب في وجهي الفتح والتقليل في (الجار) فتكون ثمانية، تضرب في ثلاثة البدل في (ماءاتاهم) فتكون أربعة وعشرين وجها. ردوا بعضها وأجازوا الباقي مع أن طريق التيسير لا يحتمل إلا وجها واحدا هو التوسط في (شيئا) وتقليل (القربى) و (الجار)، والتوسط في (ماءاتاهم)، وباقي الأوجه الجائزة لا تؤخذ إلا من الطيبة، فلم يأخذوا بالوجه المذكور في التيسير وأخذوا كافة هذه الأوجه من شروح الشاطبية دون الرجوع إلى أصلها.

السبب الثاني في تشعب الأوجه وكثرتها:

أنهم يأخذوا في الاعتبار قول الشاطبي رحمه الله (وفي يسرها التيسير رمت اختصاره) وقوله (وألفافها زادت بنشر فوائد). فلم يفرقوا بين الطريق الأصلي الذي هو طريق التيسير والطرق أو الأوجه الزائدة على التيسير الذي ذكرها الشاطبي على سبيل الإفادة منها، لا على سبيل الأخذ بها على أنها طريق التيسير.

والسبب الثالث: في تشعب الأوجه المأخوذة من الشاطبية: أنهم لم يدققوا في تحقيق الخلاف من عبارة ابن الجزري في النشر، وكثير منهم لم يقرأها. وقد حقق ابن الجزري الخلاف المذكور في التيسير، والخلاف الذي في الشاطبية ــ في كل موضع، ولو أنهم رجعوا إلي النشر في كل مواضع الخلاف لوجدوا الجواب الشافي.

لقد قال الشاطبي رحمه الله:

وإن كان خرق فأدركه بفضلة من الحلم وليصلحه من جاد مقولا

وليس محاضركم (من جاد مقولا) بل إن الذي (جاد مقولا) هو الإمام الشمس ابن الجزري الذي بين لنا ما خرج به صاحب التيسير عن طريقه أو ما ذكره مجملا فحسبه الشاطبي من الخلاف وبين لنا ما ذكره الشاطبي زيادة

عن أصله الذي هو التيسير، وليس لي فضل فيما ذكرته من ترجيح وجه من أوجه الخلاف سوى أنني نقلت تحقيقات ابن الجزري رحمه الله وتحريراته لأوجه الشاطبية وتنبيهاته على طرق الداني في التيسير وما يقتضيه سند قراءته. فليرجع المعترضون إلى تحريرات ابن الجزري في النشر فما ذكرته ليست بدعا من القول وإنما نقلته من هذه التحريرات. وأذكر هنا ما قاله العلامة محمد عبد الرحمن الخليجي في كتابه حل المشكلات وتوضيح التحريرات في القراءات وهو وإن كان يأخذ بكل الأوجه التي في الشاطبية إلا أنه قال (قال بعض مشايخنا: ما خرج عن طريق الشاطبية قسمان: قسم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير