[من تناقضات الأشاعرة – خرافة الجوهر الفرد –]
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[04 - 08 - 07, 08:04 م]ـ
[من تناقضات الأشاعرة – خرافة الجوهر الفرد –]
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فإن من تناقضات الأشاعرة قولهم بالجواهر الفردة
ووجه ذلك أن القائلين بالجوهر الفرد يقسمون الجوهر إلى: الجسم والجوهر الفرد.
ويعرفون الجسم: الجوهر القابل للقسمة إلى الأبعاد الثلاثة (الطول والعرض والعمق).
والجوهر الفرد: الجوهر غير القابل للقسمة إلى الأبعاد الثلاثة.
والجسم عند المتكلمة القائلين بالجوهر الفرد مؤلف من أجزاء لا تتجزأ، كل جزء هو جوهر فرد.
فالجوهر الفرد - عندهم - هو الجزء الذي لا يتجزأ، وهي الوحدة الأساسية في تأليف الجسم.
قال الشيخ محمد خليل هراس:
وقد غلا المتكلمون من المعتزلة والأشاعرة في التعويل على نظرية الجواهر الفردة وهي في الأصل نظرية يونانية قديمة قال بها ديموكريتس الفيلسوف الطبيعي اليوناني وقد بنوا عليها كثيرا من الأصول الإيمانية فجعلوها عمدتهم في الاستدلال على حدوث العالم ووجود المحدث له حتى أن أحد كبار الأشاعرة وهو القاضي أبو بكر الباقلاني قد أوجب الإيمان بوجود الجوهر الفرد بناء على أن الإيمان بوجود الله متوقف على ثبوته وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما بنوا على تلك النظرية ما يترتب على حدوث العالم من أن الله فاعل بالاختيار لا موجب بالذ1ات كما يقوله الفلاسفة وأنه لا تأثير لشيء من الأسباب في مسبباتها بل يخلق الله الأشياء عند وجود أسبابها لا بها.
وهكذا انحرف المتكلمون عن الجادة واعتمدوا في استدلالهم على وهم كاذب وربطوا به مصير العقائد الإيمانية كلها ...
ثم قال رحمه الله: والجوهر الفرد الذي زعمه أهل الكلام ونصبوه صنما لهم تدور حوله كل أفكارهم ومذاهبهم قامت أدلة كثيرة على بطلانه وكان الذي قام بإبطاله هم الفلاسفة انتصارا لمذهبهم الهيولي والصورة وقد قام المتكلمون من جانبهم بإبطال نظرية الفلاسفة وهكذا ضرب الله بعض المبطلين ببعض وبقي أهل الحق والإيمان بمنجى من هذا الإفك والبهتان.
قال ابن القيم رحمه الله في الرد على هذه النظرية الخرافية:
فالمثبتون الجوهر الفرد الذي ... زعموه أصل الدين والإيمان
قالوا بأن الجسم منه مركب ... ولهم خلاف وهو ذو ألوان
هل يمكن التركيب من جزئين أو ... من أربع أو ستة وثمان
أو ست عشرة قد حكاه الأشعري ... لذي مقالات على التبيان
أفلازم ذا من ثبوت صفاته ... وعلوه سبحان ذي السبحان
والحق أن الجسم ليس مركبا ... من ذا ولا هذا هما عدمان
... والجوهر الفرد الذي قد أثبتو ... ه ليس ذا أبدا وذا إمكان
لو كان ذلك ثابتا لزم المحا ... ل لواضح البطلان والبهتان
من أوجه شتى ويعسر نظمها ... جدا ولأجل صعوبة الأوزان
أتكون خردلة تساوي الطود ... في الأجزاء في شيء من
إذ كان كل منهما أجزاؤه ... لا تنتهي بالعد والحسبان
وإذا وضعت الجوهرين وثالثا ... في الوسط وهو الحاجز الوسطان
فلأجله افترقا فلا يتلاقيا ... حتى يزول إذا فيلتقيان
ما مسه إحداهما منه هو الممسوس .... للثاني بلا فرقان
هذا محال أو تقولوا غيره ... فهو انقسام واضح التبيان
قال الشيخ الهراس رحمه الله:
1 - فمما أورد على نظرية الجوهر الفرد أنه يلزم عليه أن تكون الخردلة مركبة من عدد من الجواهر الفردة يساوي ما تركب منه الجبل الضخم إذ كان كل منهما مركبا من أجزاء غير متناهية العدد.
وهذا الإيراد إنما يتوجه على مذهب النظام الذي يقول بتركيب الجسم أي جسم من أجزاء غير متناهية فلزمه أن تكون الخردلة مساوية للجبل.
2 - وقد أورد عليه أيضا أن النملة إذا مشت بين نقطتين على جسم فإنها لا تستطيع قطع المسافة بينهما لعدم تناهيها إذ كانت مركبة من أجزاء غير متناهية وقد أجاب بأنه تمشي بعضا وتطفر بعضا فذهبت طفرة النظام مثلا وما أحسن قول الشاعر
مما يقال ولا حقيقة عنده ... معقولة تدنو إلى الأفهام
الكسب عند الأشعري والحال ... عند الهاشمي وطفرة النظام
¥