الجواب: قال أبو شامة:" فتلك الألفاف نشرت فوائد زيادة على ما في كتاب التيسير من زيادة وجوه أو إشارة إلى تعليل وزيادة أحكام وغير ذلك مما يذكره في مواضعه ومن جملة ذلك جميع، باب مخارج الحروف،" والشاهد من كلام أبي شامة قوله" من زيادة وجوه" وهذه الأوجه الزائدة تلقاها الناس ـ المقصود بالناس أي القراء ـ بالقبول إلا القليل منها كما حررها أهل الفن، وهذا الكلام قاله النحاس ظنا منه أن الشاطبية اقتصرت علي التيسير فقط لقول الشاطبي:
وفي يسرها التيسير رمت اختصاره ** فأجنت بعون الله منه مؤملا"
وهذا ليس بصحيح حيث جعل القراء كتاب الشاطبي من الأصول التي يرجع إليها مثل التيسير والتذكرة وغيرها، والشاطبي قال بعد البيت السابق " وألفا فها زادت بنشر فوائد** فلفت حياء وجهها أن تفضلا" فأفاد أنه اختار زيادات علي ما في التيسير فعد بزياداته اختيارا للشاطبي.
والسؤال ما الدليل علي الأخذ باختيار الشاطبي؟؟
أقول: لو رجعنا إلي النشر نجده عند ذكر الكتب التي اعتمدها وقد قدم الشاطبية وجعل الشاطبية طريقا منفردا عن التيسير ثم ذكر بعده كتاب التيسير حيث قال ابن الجزري:"باب ذكر إسناد هذه العشر القراءات من هذه الطرق والروايات، وها أنا أقدم أولا كيف روايتي للكتب التي رويت منها هذه القراءات لنا ثم أتبع ذلك بالأداء المتصل بشرطه (ثم ذكر سنده في الشاطبية قائلا) أخبرني بها الشيخ الإمام العالم شيخ الإقراء أبو محمد عبد الرحمن ... ثم ذكر عدة شيوخ ثم ذكر كتاب التيسير قائلا:حدثني به شيخنا ا. شيخ الإقراء أبو المعالي محمد بن أحمد ... ثم ذكر عدة شيوخ.ثم ذكر بقية الكتب، وتبعه علي ذلك سار العلماء وانظر النويري والمنصوري والروض النضير وتحريات عامر عثمان والزيات وغيرهم كلهم علي العمل باختيار الشاطبي
فإن قال قائل:إن ما ذكرته لا يدل علي التفرقة بينهما وقصاري الأمر أنه زاد أوجها؟
الجواب: ذكرهم الشاطبية والتيسير ثم ذكرهم انفراد الشاطبية دون التيسير دليل علي المغايرة بين الكتابين لا المطابقة. والدليل علي ذلك:قال المتولي عند ذكره لإسناد قالون: فأما ابن بويان عن أبي نشيط عن قالون فمن التيسير والشاطبية وهداية المهدوي ......
ثم قال: وأما القزاز عن أبي نشيط فمن الشاطبية وتذكرة ..... ولم يذكر التيسير عند ذكره القزاز .. وهذا الطريق الزائد عما في التيسير عمل به العلماء وأقروه.
ثم ذكر سند ورش فقال: وأما النحاس عن الأزرق عن ورش فمن التيسير والشاطبية .... وهو في كل أسانيد القراء ذكر التيسير والشاطبية فدل ذلك أنهم كانوا يقرون اختيار الشاطبي، إن كان الأمر كذلك فمن أين أخذ الشاطبي اختياره؟؟ قال الإمام سلطان مزاحي (ت 1075هـ) في كتاب أجوبة المسائل العشرين:"فإن قلت:من أين يعلم أن مكيا وابن بليمة ليسا من طريق الشاطبية؟ قلت:لأن الشاطبي ينتهي سنده للداني لأنه أخذ القراءة عن أبي الحسن عن ابن هذيل عن أبي داود الأموتي عن الداني،وكل ما كان من طريق الداني سواء كان في (التيسير) أو (جامع البيان) أم (المفردات) فهو طريق له، وما خرج عن ذلك ليس من طريقه ... "صـ23
ثم يقول الشيخ سلطان بعد إثباته أن طريقي مكي وابن بليمة ليسا من طريق الشاطبية:" ..... ومقتضي ما ذكرناه أن يسقط مما تقدم وما سنذكره بعض الوجوه من طريق الشاطبي،لكن الذي ذكرناه قرأنا به علي شيخنا ـ رحمه الله ـ"صـ 24
قال الجعبري في باب المد والقصر مثل (أمره إلي) ليعلم أن حروف صلة معتبرة في هذا الباب وكذا صلة الميم نحو "عليهم أأنذرتهم ـ ومنهم أميون "فيمد لكل علي مذهبه استصحابا بالأصل الإثبات،وقال في حروف قربت مخارجها:التفريع قالون بإدغام (يعذب) وقصر ومد مع ترك الصلة وبهما معها،أربعة عن طرق القصيد،وقال في باب الراءات (ربنا إننا سمعنا مناديا) فالقصر وعدمه وصلة الميم وإسكانها أربعة أوجه من طريق القصيد. "
وقوله " طريق القصيد. " واضح أنهم كانوا يعدُّون الشاطبية طريقا دون التيسير وسيأتي مزيد بيان.
ومما ذكر دل علي أن الشاطبي له اختيار في القراء،والأوجه التي تعقبها البعض كالوجه المتعقبة علي سائر الكتب من انفرادة راو أو مخالفته لطريقه مع عدم شهرة الطريق وهكذا.
¥