قد نتجاوز هذا الكلام لأن له علاقة بالتطور التاريخي لمذهب الأشاعرة و قد يتشعب البحث فيه و ان كانت دراسة خط سير تطور المذهب تظهر أن المعتمد في المذهب ليس واحدا في كل المراحل التي مر بها
لأن التفويض عندهم أصل في المتشابه، ما لم يعتقد فيه التشبيه والتجسيم، فيلجؤون إلى التأويل الذي تقتضيه ضوابط اللغة وقواعد البلاغة التي نزل القرآن بها وخاطب العرب بمقتضياته ومختلف أساليبها.
لو سمحت لي شيخنا ان نتوقف هنا فلعل هذا هو مربط الفرس لوجوه
الأول:ما قلتموه لتأصيل نسبة التفويض للسلف "التفويض عندهم أصل في المتشابه، ما لم يعتقد فيه التشبيه والتجسيم، فيلجؤون إلى التأويل" هو قول متناقض اذ ان المتشابه عندكم في آيات الصفات هو ما قد يفيد التشبيه و التجسيم فلا يكون للتاويل حاجة اذ ان كلامكم يكون معناه هكذا:"التفويض عندهم أصل في ما يعتقد فيه التشبيه، ما لم يعتقد فيه التشبيه والتجسيم، فيلجؤون إلى التأويل" و هذا الاضطراب يبين ان ما يقوله اهل الاثبات حق اذ قالوا ان التفويض هو اخ التاويل اذ المؤول و المفوض مأخذهما واحد و هو استشكال آيات الصفات و كلاهما ينكر المعنى الظاهر
الثاني فنعلم يقينا أن السلف لم يكن عندهم تفريق بين صفات و صفات فما عدوه من آيات الصفات أمروه كما ورد دونما تفسير (و الذي نقول انه تفسير الكيف و انتم تقولون انه تفسير المعنى) و انكروا أشد الانكار على من تاولها يبين هذا أن المؤولين من الأشاعرة هم على النقيض .. فنفس ما يقول السلف انه يجب أن يمرر هم يؤولونه و من أنكر عليهم السلف بل و كفروهم تاويلاتهم هي هي تاويلات الأشاعرة فالأشاعرة المؤولون لا يتاولون الساق أو الجنب او المكر بل يتاولون نفس الصفات التي انكر السلف على بشر المريسي و جهم بن صفوان و حفض الفرد تاويلها و المصيبة انها هي هي نفس التأويلات و بنفس التأصيل و هذا يرد على قولكم شيخنا:
ثانيا: إنكار مَن أشرت إليه من الصحابة على المعطلة فعلى من أنكر أصل الخبر فعطَّل، وقد سقت من كلام الحافظ ابن حجر قبلُ أن مِن المؤولة مَن تجاوز وتكلف وبالغ في التأويل حتى حرَّف وخلط فغلط، أما التأويل الذي يوافق لسان العرب ويسير مع مقتضى التنزيه الذي يليق بالباري سبحانه وتعالى فهو منهج صحيح مقبول يتوسط التشبيه والتعطيل ... (وكذلك جعلناكم أمة وسطا).
قال ابن دقيق العيد: إن كان التأويل من المجاز البيِّن الشائع فالحق سلوكه من غير توقف، أو من المجاز البعيد الشاذ فالحق تركه، وإن استوى الأمران فالاختلاف في جوازه وعدم جوازه مسألة فقهية اجتهادية. اهـ
فالمعلوم أن من انكر عليهم السلف انما انكروا عليهم التأويل نفسه لا رد الأخبار فقط بل اصل انكارهم عليهم هو التاويل و ليس رد الخبر و المعروف ايضا ان غالب تصرفهم انما كان في تاويل الأخبار لا في ردها كما هو حال متاخري الأشاعرة أيضا فهم ايضا قد ردوا من الأخبار و غلطوا من الرواة ما لم يستطيعوا له تاويلا
بارك الله فيكم و هدانا و اياكم لمعرفة الحق و اتباعه فلا شك ان الالتزام بالكتاب و السنة و آثار السلف بصدق و اخلاص كفيل بان يظهر الحق
ـ[عدنان بن عبد الله زهار]ــــــــ[08 - 09 - 07, 10:00 م]ـ
جزيتما خيرا أخي الشيخ سليمان الخراشي وأخي الأستاذ محمد البويحياوي،
أرجو تكرمكما في إمهالي يومين لإكمال هذا الحوار الرصين الهادف، بسبب انشغالي خلالهما بسفر دعوي، أرجو الله لي ولكم الهداية والسداد.
وما أصدق كلمة الشافعي:
سَهَري لِتَنقيحِ العُلومِ أَلَذُّ لي مِن وَصلِ غانِيَةٍ وَطيبِ عِناقِ
وَصَريرُ أَقلامي عَلى صَفَحاتِها أَحلى مِنَ الدَوكاءِ وَالعُشّاقِ
وَأَلَذُّ مِن نَقرِ الفَتاةِ لِدَفِّها نَقري لِأُلقي الرَملَ عَن أَوراقي
وَتَمايُلي طَرَباً لِحَلِّ عَويصَةٍ في الدَرسِ أَشهى مِن مُدامَةِ ساقِ
وَأَبيتُ سَهرانَ الدُجى وَتَبِيتُهُ نَوماً وَتَبغي بَعدَ ذاكَ لِحاقي
والحمد لله رب العالمين
ـ[عبدالله الخليفي المنتفجي]ــــــــ[08 - 09 - 07, 10:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم سلِّم،
ما دام أخي الشيخ سليمان الخراشي يطالب بنقل الحوار إلى الخاص فلا مانع عندي، لكن ليس قبل أن أجيب عن آخر المسائل المردود بها عليَّ، حتى لا تبقى معلقةً؛ وبعده نلبي طلب الشيخ الكريم.
*الأخ المكرم محمد البويحياوي سلمك الله،
¥