تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما آية النبأ، فلا دليل فيها لما يريد الاستدلال بها عليه، إذ غاية ما تفيده آية النبأ هذه، هو: أن أهل النار يمكثون أحقاباً من الزمن في نوع من العذاب هو الحميم والغساق، ثم ينتقلون منه إلى آخر بدليل قوله تعالى في (ص): ((هذا فليذوقوه حميم وغساق * وآخر من شكله أزواج))، ومعلوم أن عذاب أهل النار أنواع، وخير ما يفسر به القرآن القرآن.

وأما استدلاله ببيت الشعر فإن ما قاله يمكن اعتباره لولا أننا سمعنا الله تعالى يقول في كتابه: إن وعيده لأهل النار لا يخلف، قال في (ق): ((قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد * ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد) وقال أيضاً في نفس السورة: ((كل كذب الرسل فحق وعيد)).

وأما سفسطة الدهريين التي ذكرها استطراداً، فقد تولى الله تعالى الجواب عنها في محكم تنزيله، وهو الذي يعلم المعدوم لو وجد كيف يكون، وقد علم في سابق علمه أن الخُبث قد تأصل في أرومة هؤلاء الخبثاء بحيث إنهم لو عذبوا القدر من الزمن الذي عصوا الله فيه، ثم عادوا إلى الدنيا لعادوا لما يستوجبون به العذاب، لا يستطيعون غير ذلك، قال تعالى في سورة الأنعام: ((ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيت ربنا ونكون من المؤمنين * بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون)).

فيبقى لدينا من أدلة ابن القيم آية هود، وهي قوله تعالى: ((خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد) وحديث أبي داود وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((يأتي على النار زمان تخفق أبوابها وينبت في قعرها الجرجير))، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فإنهما دليلان صالحان للاحتجاج بهما، فيجب علينا البحث والتنقيب عن وجه يمكن به الجمع بين الأدلة، لأن إعمال الدليلين أولى من طرح أحدهما كما هو مقرر في فن الأصول، قال في مراقي السعود:

والجمع واجب متى ما أمكنا إلا فللأخير نسخ بينا

إن عندنا أدلة على أن النار أبدية ولا ينقطع عذابها، وهذه الآية التي من سورة هود وهذا الحديث الحسن دليلان يفيدان أن النار تفنى، فما العمل؟.

والجواب: أننا نرى إمكان الجمع بين هذه الأدلة، بحمل آية هود وحديث أبي داود على الدَّرك من النار المخصص لتطهير عصاة المسلمين، فإنه يخرج منه آخر من بقلبه مثقال ذرة من إيمان، ويخبو وتخفق أبوابه وينبت في قعره الجرجير، أما دركات النار المعدة سجناً وعذاباً للكفار فهي أبدية وعذابها لا ينقطع.

وهنا تنسج الأدلة الشرعية في بوتقة واحدة لا تعارض بينها، ولا يكذب بعضها بعضا، وبالله تعالى التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

فقال سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ: ((يا عبداللطيف ـ يعني أخاه المدير العام للمعاهد والكليات ـ الرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل، من الآن قرروا أن النار أبدية، وأن عذابها لا ينقطع، وأن تلك الأدلة المراد بها الدرك من النار المخصص لتطهير عصاة المسلمين))، وبالله تعالى التوفيق.))

منقول

ـ[عمرو بسيوني]ــــــــ[25 - 08 - 07, 01:15 م]ـ

جزاكم الله خيرا، نقل رائع.

ـ[صخر]ــــــــ[25 - 08 - 07, 01:33 م]ـ

بارك الله فيك

ـ[أبو محمد]ــــــــ[25 - 08 - 07, 05:56 م]ـ

مضمون هذه المناظرة بذكر مسلك السبر والتقسيم والجواب عن الاستدلال بآية هود وآية النبأ -بأتم مما هنا- مودعة في كتابه العظيم: دفع إيهام الاضطراب .. رحمه الله رحمة واسعة.

وكذا مودعة في تفسير سورة هود الذي أعده: عبد الله الأهدل.

جزاك الله أخي الكريم الشيخ العوضي على هذه الفائدة القيمة .. هل لك أن تتحفنا بشيء عن كتاب أحمد الشنقيطي: المجالس .. أين يوجد؟ ومن طبعه؟ وهل هو على الشبكة؟

ـ[أنس بن محمد]ــــــــ[25 - 08 - 07, 06:39 م]ـ

بارك الله فيكم، نقل طيب جدا

ـ[أبو أويس المغربي]ــــــــ[25 - 08 - 07, 06:45 م]ـ

هل لك أن تتحفنا بشيء عن كتاب أحمد الشنقيطي: المجالس .. أين يوجد؟ ومن طبعه؟ وهل هو على الشبكة؟

حمل مجالس الشنقيطي وادع لمن رفعه ( http://www.archive.org/details/mjals)

تجد هنا ما يفيدك

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=609185&postcount=144

ـ[أبو محمد]ــــــــ[25 - 08 - 07, 09:33 م]ـ

بوركت وجزاك الله خيرا .. ومن رفعه.

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[25 - 08 - 07, 10:20 م]ـ

للتنبيه فقط!

هذا القول ليس بصحيح عن ابن تيمية!

وإنما حكاه كقول لبعض السلف.

ـ[العوضي]ــــــــ[26 - 08 - 07, 11:15 م]ـ

بارك الله فيكم على ردودكم

وهذا رابط يثري الموضوع (مسألأة فناء النار)

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=21586&highlight=%DD%E4%C7%C1

ـ[منير عبد الله]ــــــــ[26 - 08 - 07, 11:50 م]ـ

رائع جزاك الله خيرا ..

لله در العلامة الشنقيطي ماأقوى حجته ..

ولله در العلامة ابن إبراهيم ماأسرع تراجعه إلى الحق ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير