ويشمل هذا المختصر على قسمين:
القسم الأول: في ذكر ما ننقله عن الشيخ الجليل الإمام المتقن الحافظ الأوحد فخر الدين أبي العباس أحمد بن الحسين بن عثمان الأرموي الشافعي فيما صنفه في كتابه الموسوم (بغاية المرام في مسألة الكلام)
و القسم الثاني: فيما وضعته في كتابنا الموسوم بكتاب (التبيان)) ا. هـ
و كان هذا الجزء في عداد المفقود حتى طبعته مكتبة الأنصار للنشر و التوزيع في مصر، بتحقيق: أبي الفضل أحمد بن علي الدمياطي، و المخطوط نُسخ في الثالث من شهر ربيع الآخر لسنة 676، و قوامه 44 صفحة مخطوطة، وقد جَعَلَ المحقق صوراً لنماذج من المخطوط في مقدمته للتحقيق.
و طبعت هذه الرسالة المهمة غاية وقد جاء على غلافها [ينشر لأول مرة]!!!
و القارئ لهذه الرسالة سيجد نفسه متأكداً من سلفية الإمام النووي أو متأكداً من رجوع الإمام النووي أخيراً إلى قول السلف في الأسماء و الصفات ... لأسباب منها:
1 الظاهر أن هذه الرسالة هي آخر قول للإمام النووي في هذه المسألة لأنها نسخت في شهر ربيع الآخر من سنة 676 وقد وافت المنية الإمام النووي في الثالث و العشرين من رجب لنفس السنة.
فليس بين الزمنين كبير وقت، إنما هي ثلاثة أشهر فحسب. فأول ربيع الآخر وجمادي الأولى و الأخيرة ثم رجب!
2 أن الطريقة التي اتبعها الإمام النووي في رسالته تلك على صغرها، مماثلة جداً جداً لطريق السلف و أسلوبهم في سرد الأدلة من القرآن الكريم أولاً، ثم من الأحاديث الصحاح، ثم من أقوال السلف، الذي استند إلى آرائهم كثيراً و ورى أقوالهم مراراً، واستدل بكلامهم في غير ما موضع مثل الإمام أحمد بن حنبل وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة وسفيان بن عيينه وغيرهم و قد مدحهم وأثنى عليهم وعلى قولهم خيراً و سيأتي مثال لذلك قريباً
دون أن يشير أدنى إشارة إلى من دونهم من الخلف إلا في موضع الرد عليهم مثل ابن فورك و الباقلاني و الجويني و أبي القاسم الإسفراييني وغيرهم.
3 ذم الإمام النووي الأشاعرة صراحة، بل و الإستغراب من مذهبهم وقولهم في الصفات! وسيأتي نصه بتمامه أيضاً.
4 و أخيراً تصريح الإمام النووي، بقول السلف رضوان الله عليهم في صفات الرب جل في علاه كالإستواء و اليد و القرآن و غير ذلك من الصفات بل و تصريحه أيضاً بقول أهل السنة و الجماعة بالإيمان وهذا أيضاً سيأتي بنصه وحرفه.
وقد أفاد الإمام النووي وأجاد جداً في الرد على الذين لا يثبتون اللفظ و الكلام لله عز وجل، وذكر لهم عشرين وجهاً، يستترون بها، ذكر أقوالهم ثم نقضها عليهم وفضح عوارهم وكشف زيفهم، فقد رد ردوداً حازمة جازمة على أقوالهم العشرين تلك! بعشرين حجة أفصح بياناً وأقوى احتجاجا.
وهذه قراءة سريعة لمحتوى تلك الرسالة النووية و مع النقول من كلام الإمام النووي بحرفه ونصه:
من صفحة 17 إلى صفحة 22 وهو القسم الأول من الرسالة، حشد الإمام النووي الأدلة من الكتاب و السنة وأقوال الأئمة في إثبات الكلام و اللفظ لله تعالى وأن القرآن كلام الله غير مخلوق وقد نقل في هذه الصفحات أقوالاً عن الإمام أحمد وعن عبد الرحمن بن منده و القاضي محمد الهاشمي – من أصحاب الإمام أحمد – و البخاري و يحيى بن سعيد القطان و عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه ثم قال بعد هذه النقول الواضحة في نصرة الحق: (فلا سبيل إلى الخروج عما اعتقدوه فهم القدوة للإسلام و الأنجم في الظلام) صفحة 22
أما من صفحة 25 إلى صفحة 54 وهي القسم الثاني من الكتاب فقد جعلها الإمام النووي (في تعيين محل النزاع وذكر البرهان عليه وإيراد الأسئلة و جواب عنها) _ من كلامه رحمه الله _
فبعد أن ذكر تحت هذا الفصل كثيراً من الآيات المباركات و الأحاديث الصحيحات و النقولات الطيبات قال ذاماً الأشاعرة في صفحة 39: (و العجب أن كتب الأشاعرة مشحونة بأن كلام الله منزل على نبيه، و مكتوب في المصاحف، ومتلوا بالألسنة على الحقيقة، ثم يقولون: المنزل هو العبارة، و المكتوب غير الكتابة، و المتلو غير التلاوة، ويشرعون في مناقضات وتعقبات باردة ركيكة.
ويكفي في ضحد هذا المعتقد كونُهم لا يستطيعون على التصريح به بل هم فيه على نحو من المراء ... )!!!
¥