تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلنا له لقد كفل الاسلام حرية العقيدة عند العرض الأول بلا إكراه ولا ضغوط البته، لأن الاكراه على المعتقد لايقدر عليه الا الله، حتى المسلم لو أكره بالبطش والجبروت على خلاف دينه ومنهجه وشريعته، فمأذون له، الا فى القلب لأن القلب لاسلطان لاحد عليه الا الله وحده، ولا يعلم ما فيه الا الله، لذلك قال تعالى

مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ " [النحل/106]

وفى إثبات حرية الاعتقاد وعدم قدرة أحد على الاكراه فى ذلك قال تعالى:" لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ..... " [البقرة/256]

وقال تعالى: " وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ " [آل عمران/20]

وقال تعالى:" فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (22) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (24) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26) " [الغاشية/21 - 26].

وبناءً عليه فيأ أيها العاقل الرشيد فى مشارق الأرض ومغاربها، أعلم أن الله لم يخلقك لعبا ولهوا، ولم يتركك لنفسك ولا لشياطين الانس والجن، ولم يترك لك الامور تقلبها كيف تشاء فيما يتعلق بحقه والغاية من ايجادك فى هذه المعمورة، بل رسم لك الطريق وحدد معالمه بدقة وأمرك بلزوم هذا الطريق وعدم الجور الى غيره فقال عز من قائل:" وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " [الأنعام/153]

وخيرك بحسب ارادتك للرشد أو للغى، للنجاة أو للهلاك، ثم حذرك وأنذرك إن أنت أقبلت ثم أدبرت فالويل الويل للاعب المستهتر، الذى يتخذ دينه لعباً ولهوا ويتعامل معه باستهزاء لاجد فيه، عند إذ لايلومن الهالك الا نفسه، فلا تعارض أبدا بين تقديس حق الله وحرية الاختيار التى أثبتها الله للمعروض عليه الدين والمدعوا اليه.

ومن عجب أن يتبجح المتبجح فيجعل حقوق المخلوقين فى مثل هذا المقام معقولة ومقبولة، وتقديس حق الله غير مقبول ولا معقول " كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا" [الكهف/5]

فمثلا: إن فى المسيحية ما يسمى حق الحرمان وهو عقوبة مشهورة ومطبقة بل كان البابوات يطبقونها على الخارجين عن سلطان الكنيسة ولو كانوا من الأباطرة. ولما نذهب بعيدا، فكل هيئة أو تنظيم أو حزب يرى من حقه أن يعاقب أى عضو من أعضائه إذا أخل بما يسمى الالتزام الحزبى فهل الدين أهون من مثل ذلك؟

وكذالك الخيانة الوطنية فى المستوى السياسى .. وخيانة الوطن فى السياسة جزاؤها الإعدام فهل تكون أقل منها خيانة الدين؟؟؟. الإسلام لا يجبر أحدا على الدخول فيه فإذا ارتضاه بحرية واقتناع ودخل فيه فعليه أن يلتزمه لأن الأمر فى الدين جد لا عبث فيه ....

وأخيرا أقول للجميع فى جميع الأماكن

قال تعالى:

" وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7) يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير