تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أم هالة]ــــــــ[22 - 10 - 08, 12:36 ص]ـ

ثانيا: مذهب الترجيح:

سلك هذا المذهب بعض أهل العلم الذين منعوا من إطلاق الشمال و اليسار على يد الله تعالى و قالوا: إن كلتا يدي الله تعالى يمين لا شمال و لا يسار فيهما، و ضعفوا الرواية التي ورد فيها لفظ الشمال.

و ممن سلك هذا المذهب ابن خزيمة و البيهقي و الألباني، و إليك أقوالهم و أدلتهم:

قال ابن خزيمة: " إن لخالقنا – جل و علا – يدين كلتاهما يمينان لا يسار لخالقنا عز وجل، إذ اليسار من صفة المخلوقين (18)، فجلَّ ربنا عن أن يكون له يسار" (19).

و قال أيضا " ... بل الأرض جميعا قبضة ربنا جل و علا، بإحدى يديه يوم القيامة و السموات مطويات بيمينه و هي: اليد الأخرى، و كلتا يدي ربنا يمين لا شمال فيها جل ربنا و عز عن أن يكون له يسار، إذ كون إحدى اليدين يسار إنما يكون من علامات المخلوقين (20)، جل ربنا و عز عن شبه خلقه" (21).

و قال البيهقي عن رواية بشماله: " ذكر الشمال فيه تفرد به عمر بن حمزة (22) عن سالم، و قد روى هذا الحديث نافع (23) و عبيد الله بن مقسم (24) عن ابن عمر، لم يذكروا فيه الشمال، و رواه أبو هريرة رضي الله عنه و غيره عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يذكر فيه أحد منهم الشمال.

و رُوي ذكر الشمال في حديث آخر في غير هذه القصة، إلا أنه ضعيف بمرة، تفرد بأحدهما جعفر بن الزبير، و بالآخر يزيد الرقاشي و هما متروكان، و كيف يصح ذلك؟ و صحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه سمى كلتي يديه يمينا (25) " (26).

و قال الألباني رحمه الله و قد سُئل: كيف نوفق بين رواية (بشماله) الواردة في حديث ابن عمر رضي الله عنه في صحيح مسلم، و قوله صلى الله عليه وسلم (و كلتا يديه يمين)؟

قال: " لا تعارض بين الحديثين بادئ ذي بدء فقوله صلى الله عليه وسلم ( .. و كلتا يديه يمين) تأكيد لقوله تعالى (و ليس كمثله شيء و هو السميع البصير) الشورى: 11، فهذا الوصف الذي أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم تأكيد للتنزيه، فيد الله ليست كيد البشر: شمال و يمين، و لكن كلتا يديه يمين، و أمر آخر أن رواية (بشماله) شاذة.

و يؤكد هذا أنا أبا داود رواه و قال (بيده الأخرى) بدل (بشماله) و هو الموافق لقوله صلى الله عليه وسلم " و كلتا يديه يمين" و الله أعلم " (27).

أدلة هذا القول: استدل أصحاب هذا القول لما ذهبوا إليه بما يلي:

1.ما سبق من قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص (إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن و كلتا يديه يمين .. ) (28)

2.حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (أول ما خلق الله تعالى القلم فأخذه بيمينه و كلتا يديه يمين .. ) (29)

3.حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لما خلق الله آدم و نفخ فيه من روحه قال بيده و هما مقبوضتان: خذ أيهما شئت يا آدم، فقال: يمين ربي و كلتا يديه يمين مباركة) (30)

ـ[أم هالة]ــــــــ[22 - 10 - 08, 12:52 ص]ـ

الترجيح:

الذي يظهر- و الله تعالى أعلم- عدم وصف يد الله تعالى بالشمال، إذ أن إثبات شيء لله تعالى لا بد أن يكون من طريق صحيح يمكن الاستناد إليه، لا سيما و قد ورد النص الصحيح الصريح بأن كلتا يديه يمين.

و أما الأدلة التي استدل بها من أثبت وصف الشمال ليد الله تعالى فإنها لا تنهض لأن تكون حجة في ذلك:

1.أما حديث (يطوي الأرض بشماله .. ) فلأن فيه عمر بن حمزة و هو ضعيف، قال فيه الإمام أحمد: أحاديثه مناكير. و قال فيه النسائي: ضعيف. و ذكره ابن حبان (31) في الثقات و قال: كان ممن يخطئ (32). و قال فيه ابن حجر: ضعيف (32).

2.و أما حديث أبي الدرداء، فقد رواه عبد الله ابن الإمام أحمد مختصرا و تمامه كما عند أحمد بنفس السند (خلق الله آدم حين خلقه فضرب كتفه اليمنى فأخرج ذرية بيضاء كأنهم الذر، و ضرب كتفه اليسرى فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحمم، فقال للذي في يمينه: إلى الجنة و لا أبالي، و قال للذي في كفه اليسرى: إلى النار و لا أبالي) (34).

و بهذا يتضح أن الضمير في قوله (و قال للذي في يساره) في رواية عبد الله ابن الإمام أحمد يعود إلى آدم عليه السلام، و عليه فليس في هذا الحديث حجة لمن أثبت صفة الشمال ليد الله تعالى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير