تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الشيخ أبو بكر الجزائري (أي يوم يعظم فيه الهول و يشتد الكرب و يكشف الرب عن ساقه الكريم التي لا يشبهها شيء عندما يأتي لفصل القضاء.) ([27])

المطلب الرابع:

و بعد عرض الأقوال نحب أن نجرى مناقشة سريعة لنتبين مع من الحق في هذه المسألة.

أصحاب القول الأول لم يذكروا دليلا واحد خلا ما أشار إليه النووي ـ رحمه الله ـ و قد ذكره ابن كثير نقلاً عن ابن جرير و فيه أنه تعالى يكشف عن نور قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ فيه: (أخرج أبو يعلى بسند ضعيف عن أبي موسى مرفوعاً في قوله " يوم يكشف عن ساق " قال " عن نور عظيم فيخرون له سجداً " ([28]) و ما سوى هذا الدليل اعتراضات أقواها أن الآية لم تدل على ذلك بمفردها و قد سبق كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رضي الله عنه ـ في ذلك. وقد رد الألبانيّ على اعتراض الإسماعيلي بقوله (نعم " ليس كمثله شيء "؛ و لكن لا يلزم من إثبات ما أثبته الله لنفسه من الصفات شيء من التشبيه أصلاً.و أنا و إن كنتُ أرى من حيث الرواية أن لفظ " ساق " أصح من لفظ " ساقه " فإنه لا فرق بينهما عندي من حيث الدراية؛ لأن سياق الحديث يدل على أن المعنى هو ساق الله تبارك وتعالى.) ([29]) و قال الشيخ محمد موسى نصر ـ عن كلام الإسماعيلي ـ (أن مطابقتها ـ أي لفظ الساق ـ للفظ القرآن لا يكفي لترجيحها و تقديمها على رواية البخاري؛ و القرآن حمَّال أوجه و كذلك و إن صحت كما عند مسلم فلا تنافي بين الروايتين لاتحاد سياقهما و تكون الزيادة في حديث أبي سعيد زيادة ثقة مقبولة) ([30]) و قال الألباني حفظه الله: (و وجدتُ للحديث شاهداً آخر مرفوعاً و هو نصٌ في الخلاف السابق في الساق و إسناده قوي فأحب أن أسوقه إلى القراء لعزته و صراحته و هو: " إذا جمع الله العباد بصعيد واحد ….هل تعرفونه؟ فيقولون: إذا تعرف إلينا عرفناه، فيكشفُ لهم عن ساقه فيقعون سجوداً، و ذلك قول الله تعالى " يوم يكشف عن ساق و يدعون إلى السجود فلا يستطيعون "، و يبقى كلُ منافق فلا يستطيع أن يسجُدَ، ثم يقودهم إلى الجنة " قلتُ و هذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال الصحيح؛ إلا ابن إسحاق إنما أخرج له مسلم متابعة، ثم و جدت له شاهدا آخر عن أبي هريرة مختصراً بلفظ: " يوم يكشف عن ساق " قال: يكشف الله عز وجل عن ساقه ") ([31]) و قال الشيخ مشهورآل سليمان: (و على أيّة حال لا يقدم قول الصحابي على قول الرسول ـ صلى الله عليه و آله و سلم ـ و تحمل مخالفة الصحابي للحديث المرفوع على عدم العلم به لما عرف عنهم من التمسك بالسنن .. ) ([32]) و سبق أن بينتُ أن أصحاب القول الأول لم يذكروا أدلة بينما ذكر أصحاب القول الثاني أدلة سبقت.

المطلب الخامس:

أخي القارئ الكريم بعد أن ذكرنا أدلة كل قول مع ذكر بعض من قال بكل قول فلا شك أن القول الثاني هو الصحيح الذي لا يصح غيره، و تبقى مسألة هل الآية من آيات الصفات أم لا؟. مع إثبات الصفة من خلال الأحاديث الصحيحة السابقة، و الذي يظهر أنها من آيات الصفات و الله تعالى أعلم بالصواب.

و في نهاية البحث أحب أن أنبه على أن مخالفتنا لمن قال بغير قول أهل السنة لا يدعونا إلى الطعن فيه و نبذه و حرق كتبه، بل يستفاد منه و يترك خطأه ـ مع بيان الحق وتزيف الباطل ـ خاصة في مثل هذه المسائل التي نُقل فيها الخلاف عن بعض السلف.

هذا و الحمد لله رب العالمين و صلى الله على محمد و آله و سلم

و كتبه

الداعية بمركز الدعوة بالمنطقة الشرقية

عبد الرحمن بن محمد بن عليّ الهرفيّ

28/ 5/1418هـ

([1]) سورة ن الآية 42.

([2]) أخرجه البخاري ـ كتب التفسير ـ باب (يوم يكشف عن ساق) ـ المكتبة السلفية ـ 3/ 351. و أحرجه مسلم بدون إضافة الساق له تعالى ـ كتاب الإيمان ـ باب (81) معرفة طريق الرؤية ـ ت: محمد فؤاد عبد الباقيّ ـ المكتبة الإسلامية ـ 1/ 168.

([3]) مجموع الفتاوى ـ شيخ الإسلام ـ الإفتاء ـ 6/ 494.

([4]) معني القرآن ـ الفراء ـ عالم الكتب ـ الثانية 1980م ـ (/).

([5]) جامع البيان ـ ابن جرير الطبريّ ـ دار المعرفة ـ 1400هـ (29/ 38).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير