تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أمر لا يقبله الناس فيما بينهم، فكيف يكون سائغاً في حق الله؟!

وقول القائل: (أليس الله رب الجميع، فلماذا يحتكر المسلمون بيت الله لأنفسهم دون غيرهم؟) ضرب من المغالطة اللفظية، والتجديف الكلامي. وجوابه: أن ربوبية الله نوعان: ربوبية عامة، لجميع الخلق؛ فهو خالقهم، ورازقهم، ومدبر أمورهم، وربوبية خاصة: وهي لأوليائه المتبعين لرسله، الذين يوحدونه بالعبادة، ولا يشركون معه أحداً سواه. ثم هو سبحانه قد نهى عباده المؤمنين عن تمكين المشركين من قربان بيته المطهر، بسبب تلطخهم تلطخاً معنوياً بنجاسة الشرك، فامتثل عباده أمره.

إن مصطلح (كرامة الإنسان) يختلف بين الاعتقاد الإسلامي، والمفهوم الكنسي. فالعقيدة الإسلامية تربط تلك الكرامة بأداء الإنسان للوظيفة التي فطر عليها، وخلق من أجلها، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذريات:56) فإذا انحرف عن تلك الفطرة الأصلية، وارتد عن الوظيفة الأساسية، فقد تلك الكرامة. قال تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ. ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (التين 4 - 6). بينما تقرر الكنيسة دوماً أن الإنسان كريم مطلقاً، مهما بدر منه من خطيئة!! وهذا خلاف النقل والعقل.

المسألة التاسعة: منع المملكة العربية السعودية بناء معابد الكفار على أرضها:

المملكة العربية السعودية تنطلق من منعها إقامة المعابد غير الإسلامية على أراضيها من منطلقات شرعية ملزمة للدولة التي تتشرف بحضانة الحرمين الشريفين، والسيادة على جزيرة العرب. وهذا محل اتفاق بين المسلمين، قديماً، وحديثاً، وليس إجراءً محلياً طارئاً، كما يتوهمه بعض من لا يعرف أحكام الشريعة الإسلامية. فإن من الخصائص الشرعية للجزيرة العربية أن تكون معقلاً للإسلام. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يترك بجزيرة العرب دينان) رواه أحمد. والمقصود أن يكون الدين الظاهر هو الإسلام فقط، ولا يسمح لغيره بالاستعلان من خلال بناء المعابد ونحوها.

ولا وجه لاستغراب هذا التشريع من قبل غير المسلمين. فلم تزل كل ملة على وجه الأرض تقدس بعض البقاع، وتخلع عليها صفة الخصوصية الدينية. فالفاتيكان لا يأذن بإقامة كنيسة بروتستانتية، أو أرثذوكسية، فوق أراضيه، فضلاً أن يخطر ببال أحد أن يأذن بإقامة مسجد، أو معبد لديانة غير النصرانية. كما أن دولة الفاتيكان عقدت معاهدة (لاتران) مع الحكومة الإيطالية عام 1929م، تنال بموجبها خصوصية دينية، دون أن يقول قائل: أليس هذا من تقديس الجغرافية، والاعتداء على حرية الأديان الأخرى!! لقد رفض الأساقفة اليونان، والأقباط دخول البابا (يوحنا بولس الثاني) أسقف الكنيسة الكاثوليكية كنائسهم، واضطر إلى إقامة قدَّاسه في فناء دير سيناء، وهم أتباع ملة واحدة!!

فكما تواضع العالم على اعتبار الفاتيكان معقلاً للكاثوليكية، وحوض نهر (الغانج) مغطساً للهندوس، وجبل (هيي Mt. Hiei) قرب العاصمة اليابانية القديمة (كيوتو) موقعاً مقدساً للبوذية، فليتواضع العالم أن الجزيرة العربية معقل للإسلام.

بقي أن نشير إلى أن التسهيلات التي تمنحها بعض الدول الغربية للمسلمين من مواطنيها، والمقيمين فيها، لم تكفلها الكنيسة الكاثوليكية، ولا مجلس الكنائس العالمي. بل منحتها إياهم الأنظمة الليبرالية التي تعتنقها معظم الدول الغربية، بعد تخلصها من نير الكنيسة. وبالمقابل لا زال النصارى في البلاد الإسلامية يحتفظون بكنائسهم منذ عشرات القرون، وفاءً من المسلمين بعهد الذمة.

المسألة العاشرة: الحدود:

الإسلام نظام شامل، كامل، متوازن، ذو أساس عقدي، وتشريع اجتماعي، وتوجيه تربوي، يرفد بعضه بعضاً، وينتج بمجموعه مجتمعاً صالحاً، تتسع فيه دواعي الخير والبناء، وتضيق فيه مجاري الشر والهوى. وهو بذلك يفارق الكهنوت الكنسي الذي يقصر مفهوم الدين على طقوس معينة، في وقت معين، في موضع معين، ويفصل بين ما هو ديني، وزمني، ويدع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير