ولما كان الانشغال بالعلم النافع تعلماً وتعليماً من أفضل القربات أحببت أن أشارك بشيء أنفع به نفسي وإخواني، ويكون لي ذخره عند الله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فقمت بكتابة هذا البحث الذي أسميته:
{القرقيعان في ليلة الخامس عشر من رمضان}
ويدور بحث هذه العادة حول.
أصل التسمية ومتى تقام.
أحداث تلك الليلة في القرى والمدن.
تاريخ ونشأة هذه العادة.
مشابهة القرقيعان بالعيد.
مشابهة القرقيعان للكفار.
الأعياد من المسائل الشرعية التعبدية.
حكم هذه العادة؟
فتوى العلماء.
بعض مفاسد هذه الليلة.
نصيحة.
توضيح العنوان:
القرقيعان: كلمة عامية وجاء في اللغة ما هو قريباً منها في مادة ((قَرَعَ)) بمعنى دقه , والمراد بها إحياء ليلة مخصوصة بعمل خاص معتاد.
إحياء ليلة مخصوصة: ليلة الخامس عشر من رمضان.
بعمل خاص: كقرع الصبيان أبواب البيوت , من أجل الحلوى، واجتماع الناس للطعام.
معتاد: يعود كل سنة , كعيد الفطر والأضحى.
أحداث وتسمية هذه الليلة
تختلف إحياء هذه الليلة وتسميتها من قرية إلى أخرى، ومن مدينة إلى مدينة، ففي الكويت والمملكة العربية السعودية تسمى" بالقرقيعان ".
وفي دولة الامارات العربية المتحدة يطلق عليها "حق الليلة" أو "حق الله"، (وتكون هذه الليله في النصف من شعبان)
وفي سلطنة عمان يطلق عليها "الطَلْبة" وقيل القرنقشوه،وفي قطر تعرف بليلة " الكرنكعوه "، أما فيالبحرين فتسمى بليلة القرقاعونو في العراق تسمى بالماجينة.
أما عن أحداثها , ففي الساحل الشرقي من المملكة العربية السعودية تبدأ من غروب الشمس إلى آخر الليل.
ولها أحداث وأدوار تقام فيها، فدور للرجال، ودور للنساء، ودور للصبيان، ودور للبيوت.
أما عن دور الرجال:
فإن كل جماعة منهم تجتمع في بيت قد اتفقوا على الاجتماع فيه مسبقاً، والعجيب في ذلك أن الأقارب الذين يبعدون عن أهليهم الأكيال البعيدة، يقطعون المسافات الطويلة لحضور هذه الليلة، وبعد الساعة العاشرة تزيد أو تنقص تقوم كل جماعة بإحضار أصناف الطعام إلى ذلك البيت وحينما يجتمعون يبدأون العشاء، وبعد العشاء يقام التصوير لذكرى تلك الليلة الغريبة، ثم ينصرفون بعد ذلك.
أما عن دور النساء:
فإنهن يفعلن مثل ما يفعل الرجال.
وأما عن دور الصبيان:
فإن كل أسرة تخيط وتخبن لصبيانها ما تسمى "بالخريطة " تشبه الكيس تجعل على الرقبة خيط يُشدّ به الخريطة التي على الصدر،وفي بعض المناطق عبارة عن سلة كبيرة مصنوعة من سعف النخيل , يوضع بداخلها خليط منالمكسرات النخي ,والنقل , والسبال , والبيذان , والجوز , والفول السوداني والتين المجفف, إلى جانب بعض الحلويات،
وللبنات لباس خاص يلبسونه يسمى " المخنق " , فيطوفون البيوت ليجمعون بها الحلوى فتمتلئ الشوارع بمسيرٍ جماعي من الأطفال من بيت لآخر.
وهم يرددون الأناشيد التي تخص هذه الليلة " قرقيعان .. قرقيعان .. بين قصير ورمضان .. عطونا الله يعطيكم .. بيت مكة يوديكم .. يوديكم لأهاليكم " وغيرها من الأهازيج التي تختلف كل دولة فيها عن الأخرى.
وكلما دخلوا على بيت ووجدوا حاجتهم رددوا اسم الابن الأصغر لهذا المنزل " قرقيعان فلان .. قرقيعان فلان "، ويفتحون الخريطة ويرفعونها بأيديهم لكي يحصلوا على أكثر قدرٍ من الحلويات والمكسرات.
فإذا امتلأت الخريطة رجعوا لتفريغها، وعادوا لإكمال المسيرة إلى آخر الليل.
ولك أن تتصور كم سيشتري رب الأسرة من الحلويات والمكسرات للصغار القادمين عليه؟.
ودور البيوت بارزٌ في إعداد الحلوى وأنواع المكسرات، وتنشغل كذلك بإعداد الوجبات المتنوعة لإحياء تلك الليلة.
وكم مررنا على بيوتٍ فقيرة لا يفتحون أبوابهم في هذه الليلة، لا لعلةٍ؛ سوى أنهم لا يجدون ما يعطوننا إياه، فنقابلهم بالسب والألفاظ النايية.
هذا حال القرى فكيف بحال المدن، بل حال بعض الدول المجاورة.
¥