تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يبالغ الدكتور عمارة –شأنه شأن أسلافه من المعتزلة وأتباعهم- في تمجيد العقل البشري القاصر وإنزاله محلاً رفيعاً يجعله حاكماً على النصوص الشرعية لا محكوماً لها؛ وهذا مما أداه إلى رد كثير من النصوص والأحكام الشرعية التي لا توافق عقله.

يقول عمارة متحدثاً عن شيوخه المعتزلة ومؤيداً لهم: "قالوا إن الأدلة أولها العقل؛ لأنه به يميز بين الحسن والقبيح" (الطريق .. ، ص100) ويقول: "إن مقام العقل في الإسلام مقام لا تخطئه البصيرة ولا البصر .. " (التراث .. ، ص183)، ويقول: "إن الإسلام لا يمد نطاق علوم الوحي والشرع إلى كل الميادين الدنيوية التي ترك الفصل فيها والتغير لعلوم العقل والتجربة الإنسانية" (الدولة الإسلامية، ص172).

قلت: وللرد على شبهات العقلانيين –ومنهم محمد عمارة- في تعظيم العقل وتقديمه على النقل يراجع كتاب "محمد عمارة في ميزان أهل السنة والجماعة" (من ص140 إلى ص258).

وأكتفي هنا بنقل جميل عن الدكتور محمد رفعت زنجير ذكره في كتابه "اتجاهات تجديدية متطرفة" (ص57)، يرد به على معظمي العقل على حساب النقل: يقول الدكتور: "وقضية تقديم العقل على النقل مطروحة من أيام المعتزلة، ونحن لا نرى إقحام العقل في تفاصيل قضايا الإيمان بالغيب، وصفات الله، والمتشابهات، لأن العقل محدود العلم، وما يجهله أكثر مما يعرفه، فلا ينبغي له أن يتدخل فيما يجهله، لأنه سيقود إلى نتائج غير سليمة. ونضرب لذلك مثلاً: لو أن إنساناً قبل عصر الطيران قال إن البشر سيطيرون من شرق الأرض إلى غربها في يوم واحد، لاتهمه الناس بعقله، فالعقل لا يقول بإمكانية ذلك آنذاك، أما اليوم فمن أنكر ذلك فهو الذي يتهم بالخبل، فإذا كان العقل عرضة لتغيير أحكامه في أمور الدنيا تبعاً لمتغيراتها بين الأمس واليوم، فهو أكثر عرضة لتغيير آرائه بالنسبة للدين، يؤكد هذا أن الله تعالى كلما بعث نبياً، وأصلح الناس، قام الناس بعد رحيل نبيهم بتغيير المنهج وتحريف الرسالة، وهم يعتمدون في ذلك على ما تكن به نفوسهم ويخطر في عقولهم، ولو أنهم التزموا بما أنزل الله إليهم ولم يحرفوا، أو يبدلوا، لبقي المنهج سليماً، وساد الإصلاح، فالعقل قد يضل، أو يتبع الهوى، وليست جميع العقول مستنيرة".

2 - اعتناقه واحياؤه لمذهب "المعتزلة":

سبق لنا أن الدكتور بعد أن ادعى الانخلاع من الفكر الماركسي لجأ إلى إحياء تراث فرقة المعتزلة بعد أن لفظته الأمة منذ قرون، محاولاً بذلك صرف شباب الأمة إلى هذه البدعة من جديد. يقول الدكتور ممجداً المعتزلة: "كان التوحيد بمعناه النقي المبرأ من الشبهات هو الذي دعا المعتزلة لنفي القدم عن القرآن…" (نظرة جديدة .. ، ص91)، ويخصص كتاباً كاملاً هو "المعتزلة ومشكلة الحرية الإنسانية" لينصر فيه قولهم في القدر. ويقول عن شيخهم عمرو بن عبيد: "علامة بارزة على طريق تطور العقل العربي المسلم، وعلم من الأعلام الذين صنعوا النشأة الأولى للتيار العقلاني في تراثنا". (مسلمون ثوار، ص161)

ولبيان انحرافات المعتزلة بإمكان القارئ الرجوع إلى رسالة "المعتزلة وأصولهم الخمسة" للشيخ عواد المعتق –وفقه الله-.

3 - اعتناقه واحياؤه لتراث تيار المدرسة العصرانية الحديثة:

وكما أحيا محمد عمارة تراث المعتزلة لتوافقه معهم في الغلو في العقل البشري على حساب نصوص الوحي، فإنه كذلك أحيا تراث أتباعهم في هذا العصر؛ وأعني بهم مدرسة الأفغاني ومحمد عبده العصرانية، الذي يقول محمد عمارة، عن تيارهم: "أبرز تيارات التجديد في حركة اليقظة العربية في العصر الحديث" (العرب والتحدي، ص291) ويدعو الأمة إلى التزامه.

ولهذا أشرف الدكتور على طباعة ما سماه الأعمال الكاملة لكل واحدٍ منهم؛ نظرًا لتوافقه معهم في انحرافاتهم التي سبق في المقدمة ذكرها، ومن أبرزها: دعوتهم إلى الوطنية، والعلمانية، والاشتراكية، وتحرير المرأة، والتقريب بين الأديان والمذاهب .. الخ

وكما سبق في مقدمة هذه المجموعة –أيضاً- فقد رد العلماء والباحثون على هذه المدرسة، وبينوا انحرافاتها، وأنها في حقيقتها "علمانية" مستترة، وسلاح بيد الأعداء لتغريب ومسخ بلاد المسلمين. فبإمكان القارئ الرجوع إلى ما ذكرته من المصادر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير