فالمراد من نزول عيسى ابن مريم: بعثة رجل آخر من أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم، يشبه عيسى ابن مريم في صفاته وأعماله وحالاته، وقد ظهر هذا الموعود في قاديان الهند باسم: ميرزا غلام أحمد ... إماماً مهديّاً، وجعله الله مثيل المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، فكان هو المسيح الموعود، والإمام المهدي للأمة المحمدية الذي وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعثته قائلا: (لا المهدي – كذا، والصواب: مهدي - إلا عيسى) ابن ماجه، كتاب الفتن. انتهى.
وفي اعتقاد المسلمين: أن عيسى عليه السلام نبي مرسل، وأن المهدي مسلم مصلح لا نبي ولا رسول، وأن خروج المهدي من علامات الساعة الصغرى، ونزول عيسى عليه السلام من علامات الساعة الكبرى، وبينهما فرق لا يخفى على أحدٍ.
والحديث الذي استدلوا به: (لا مهدي إلا عيسى) لا يصح، بل هو حديث منكر، حكم بنكارته جمع من الأئمة، منهم النسائي والذهبي والألباني، وضعفه الحاكم والبيهقي والقرطبي وابن تيمية، بل حكم بوضعه الصغاني.
وانظر: " منهاج السنة " (8/ 256)، و " الصواعق المحرقة " للهيتمي (2/ 476)، و " السلسلة الضعيفة " (77).
خامساً:
وأما أن الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله – كان يقول بقول القاديانية: فهذا أبعد ما يكون عن الحق، وهو محض افتراء على الشيخ، وذلك من وجوه كثيرة:
1. مناظرات الشيخ وكتبه ومقالاته أكثر من أن تحصى، وليس فيها دعوة للدين القادياني ولا ثناء على زعيمه ولا أتباعه، ولو كان على طريقتهم لم تخلُ كتبه من ذلك.
2. والقاديانية ألغت الجهاد من دينها، فمن دعا إلى مثل ما دعا إليه القاديانيون فهو منهم، وحاشا الشيخ أحمد ديدات أن يكون واحداً منهم، بل كان ينادي بالجهاد، ويرى أن السيف والقرآن هما سبيل عزة هذه الأمة.
قال الشيخ أحمد ديدات – رحمه الله -:
سلاحنا الوحيد في مواجهة هذا الخطر الداهم المفزع المروع المسمى بالتبشير: هو القرآن، وحمل السيف في سبيل الله لمواجهة هذا الخطر الداهم، إنها مقولة مصيرية بين الإيمان والإلحاد , بين الإسلام وقوى الطغيان , بين العدل والجور , بين النور والظلمات , بين الحق والضلال , فلا ينفع ولا يجدي في هذه المعركة إلا السيف والقرآن يتعانقان حتى يقيم السيف ما تُرك من القرآن، ويسود الإسلامُ العالمَ أجمع، ويعود المسلمون إلى رشدهم لمواجهة هذا الخطر الكامن في الصليبية والصهيونية العالمية.
" حوار مع مبشر " (ص 30) المختار الإسلامي.
3. لا ترى القاديانية الصلاة والصوم والحج على ما جاءت به شريعتنا، بل لها عندهم معانٍ أُخر، كما أنهم يرون أن كل من ليس قاديانيا فهو كافر، ولا يبيحون للقادياني أن يتزوج من غيرهم، كما أنهم يبيحون الخمر والمسكرات، فهل كان الشيخ أحمد ديدات على مثل ما كان عليه أولئك الكفار؟ اللهم لا.
أ. فالشيخ له كتاب نافع بعنوان " مفهوم العبادة في الإسلام " طبعة " المختار الإسلامي "، وقد ذكر فيه ما يتعلق بعبادات المسلم من صلاة وزكاة وصيام وحج , بآيات وأحاديث، تدل على سعة علمه، وعلى حسن اعتقاده.
ب. وقد كان الشيخ متزوجاً من امرأة مسلمة فاضلة، تخدم الإسلام، وتعينه على الدعوة إلى الله، وهي الأخت " حواء " , ولو صحَّ ما نسب للشيخ من كونه قاديانيا لكان متزوجاً من كافرة، وهو لا يجوز عندهم، بل يراه بعضهم كفراً.
ج. وأما بالنسبة لحرمة الخمر والمخدرات: فالشيخ له كتاب نافع قوي، وهو بعنوان " الخمر بين المسيحية والإسلام " وقد نصر فيه الإسلام وأحكامه بنقله لتحريم الخمر والمسكرات من الكتاب والسنَّة.
ومما جاء في الكتاب:
" الإسلام هو الدين الوحيد على وجه الأرض الذي يحرم المسكرات بالكامل , وقد قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم (ما أسكر كثيره فقليله حرام) , فلا يوجد عذر في دار الإسلام لمن يرشف رشفة، أو يتناول جرعة من أي شراب مسكر , إن القرآن الكريم - كتاب الحق - حرم بأشد العبارات ليس فقط الخمر وما تجلبه من شرور: بل إنه حرم الميسر " القمار " و " الأنصاب " - التي كانوا يذبحون عندها - و " الأزلام " - التي كانوا يقتسمون بها -، أي: أنه حرم الخمر، وعبادة الأوثان والأصنام، والعرافة - أو معرفة البخت -، وقراءة الطالع في آية واحدة , قال تعالى: (يا أيها
¥